عباس فتوني
ظَلّل نفوسَ البرايا بالنَّدَى الخَصِبِ |
يا موسِمَ الجُودِ والإِحسانِ والحُبَبِ |
وافَيتَ تُنشِدُ في السَّاحاتِ أغنيةَ |
أَلحانُها الحُبُ تُحيي السَّمعَ بالطَّرَبِ |
الصَّومُ أُمنيَّةُ الإِيمانِ يَجمَعُنا |
وحَسبُنا وَحدة تَربو على الحَسَبِ |
أَيَّانَ غُرّتُه هلّتَ مَشَعشِعَةَ |
صَلِّى الأَنامُ على المُختارِ خَيرِ نبي |
شَهرُ الصيّامِ ذُنوبَ الخَلق يَرمُضُها |
والنَّفسَ يَمنَحُها صَبراً على النُّوَبِ |
ويا لهُ رَمضانُ الرُّوحَ يُؤنسَها |
شَهرٌ كريمٌ يَصبُّ الخَيرَ كالسُّحُبِ |
يا مَعْلَماً للِتُقَى عَمَّتْ بشائرُه |
نَسيمُكَ الشَّوقُ فَوَّاحٌ تَغَلغلَ بي |
بدرُ الرِّسالةِ في عَلياكَ مُزدهرّ |
مِنْ يَومِ "بَدرٍ" يُباهي شُعلَةَ الشُّهُبِ |
و"فَتحُ مَكَّةَ" فيهِ الشِّرك مُنحَطِمّ |
والدّينُ مُنبَجِسٌ مِن بابِهِ الرَّحِبِ |
و"لَيلةُ القَدرِ" لا تُحصَى فضائلُها |
تُنالُ بالذِّكرِ لا بالمالِ والذَّهَبِ |
يا لَيلةَ خَصَّها الرَّحمَنُ مَفخَرة |
ساعاتُها خَرَقَتْ دَهراً منَ الحُجُبِ |
تحوي القداسَةَ والقُرآنُ رائدُها |
نَبعُ الهُداةِ ونِبراسٌ لِكلِّ أَبي |
متى أضاءَتْ سماءَ الكونِ أَحرُفُه |
أَضحى يُضيىءُ لأهلِ الأرضِ في "رَجَبِ" |
لِلخَلق مدرسَةٌ بالآيِ مُعجزَةٌ |
للَّهِ أَعيا فحولَ الشِّعرِ والأَدَبِ |
هوَ الكتابُ رسولُ اللَّهِ يَرفعُه |
هدّى يُحلِّقُ نوراً في سَما الكُتُبِ |
لا صومَ مُحتسَبٌ لِلمَرءِ ينفَعُه |
حتَّى يَصومَ عنِ البُهتانِ والكَذِبِ |
منَ صامَ عن حُرَمٍ فالخُلدُ مَسكنُه |
ما قيمةُ الصَّومِ عنْ أكلِ وعنْ شُرُبِ |
قَدّمْ على طَبَقِ الإخلاصِ تَضحيةً |
واطلُبْ منَ اللَّهِ فَتحاً تَحظَ بالطَّلَبِ |
صامتْ جوارِحُنا عن كلّ مَعصيةِ |
وسَيفُنا الحَقُّ صَوَّامٌ عنِ النَّصَبِ |
يَجولُ حولَ رؤوسِ الشِّركِ يَقذِفُها |
كَأَنَّها كرةٌ تَحدوهُ للَّعبِ |
تُنْمى إِلى حَيدرِ الكَرَّارِ شَفرَتُه |
صنوِ النَّبيّ بِآياتِ الفَخارِ حُبِي |