مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الوسواس القهري‏..العلاج بين الطب والدين‏

منال ضاهر


تتجدد معاناتها مع كل صباح، اعتادت على المرض، وتأقلمت معه، فأصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتها اليومية، تألمت احتارت بدائها، فأدركت أنها مصابة "بوسواس قهري" فقررت الذهاب للمعالجة عند الطبيب المختص... "أغلقت الباب لم أفعل أديت صلاتي لم أفعل... شكوك تراودني". تقول سلوى: "لدرجة تضعف معها ذاكرتي عن الاقرار بما أتيت به وأقدمت عليه فتحول بيني وبين أن أجزم أو أتأكد من فعلي لأمر ما أو تركي إياه...".

يعرّف الدكتور أحمد عياش اختصاصي الطب النفسي "الوسواس القهري" بـ"حالة عصابية والعصاب هو صراع يعيشه الإنسان بينه وبين نفسه يقوى لدرجة لا يصبح لديه قدرة على مواجهته...". ويعرّف الشيخ أحمد خشاب الوسواس بأنه "عمل من أعمال الشيطان يجعل الإنسان يفكر في العمل السي‏ء الذي يريد أن يقوم به بحيث يصبح هذا العمل السي‏ء هو الغالب على تفكيره...". قد يسبب مرض الوسواس انزعاجاً وامتعاضاً لا مثيل لهما لعدد لا بأس به من الناس، إذ تصل نسبة المصابين بهذا المرض إلى ما يقارب 2% من سكان العالم وتختلف أشكاله ومظاهره باختلاف الأشخاص بحسب ما تؤكده الدراسات العلمية، وهو أمر معطوف على اختلاف في تحديد مفهوم هذا المرض، فمنهم من يعتبره داءً يجب معالجته بالأدوية الكيمياوية ومنهم من يعتبره أمراً طبيعياً من أفعال الشيطان الرجيم يطال مجمل الناس "ولا يحتاج إلا إلى إرادة صلبة تساعد صاحبها على التخلص مما يعانيه" على حد تعبير أحدهم. تجزم بعض الدراسات أن المرض لا يظهر إلا بعد إرهاق صاحبه نفسياً وفكرياً وجسدياً. الدكتور عياش يعتبر المرض وراثياً فيقول: "من الواضح أن إحدى الجينات والتي تعرف باسم "لتربتوفون" تؤثر على إفرازات الـ(سيريتونين) ووجود خلل في هذه الجينة يؤدي إلى المرض...". تنقسم أمراض الوسواس القهري بحسب علم النفس إلى قسمين وساوس فكرية وأخرى مبنية على العادات والتقاليد المترتبة على هذه الوساوس...

* أنواع الوساوس‏
1- استحواذ فكرة الإتساخ والنجاسة.
2- استحواذ فكرة الحاجة إلى الترتيب والتنسيق في الأشياء الشخصية.
3- تكرار عادات روتينية كتكرار السؤال والجمل.

* الوسواسي في عيون الناس‏
تعتبر أمل (26 عاماً مجازة في علم النفس) "أن الإنسان الوسواسي إنسان مريض يجب معالجته وتقديم المعونة له بكل الإمكانات وتسهيل الأمر عليه حتى يتمكن من التغلب على مرضه...". أما حبيب (طالب جامعي) فيرى أن الوسواس "من الشيطان كما جاء في القرآن الكريم وخصوصاً سورة الناس ولا يعقل أن يكون بسبب نقصان مادة في الجسم وكل هذه الأمور غير صحيحة لأن الإنسان تحركه إرادته المرتبطة بنفسه وجسده...". سناء (30 عاماً) تجد أن الإنسان الذي يفكر كثيراً في أموره هو إنسان في غاية الذكاء ولديه دقة ملاحظة ربما تخونه ذاكرته في بعض الأحيان إلا أنني أصف مرض الوسواس "بداء الأذكياء". يعتبر الدكتور عياش اللجوء إلى الطبيب المختص أمراً حتمياً فيقول: "المريض يحتاج إلى علاج كيميائي إضافة إلى التدريب على طرق وسبل حياتية ليتحمل هذا الهاجس... إلا أن العلاج يبقى علاجاً بيولوجياً...".

بينما يرى الشيخ خشاب: "في بعض الحالات لا نستطيع نكران أهمية الطبيب ولكن يبقى الطبيب الأعلى العارفين بالبشر الأئمة المعصومين عليهم السلام...". ويشدد الشيخ خشاب على "أن العلاج يكون بالابتعاد عن مواضع الوسوسة وتجنب مواقع الضعف فلا يضع الإنسان نفسه في الموضع الذي يبدو فيه ضعيفاً..." ويؤكد سماحته "أن اللَّه ذكر جملة من القضايا في كتابه، فذكر أدوية عامة ألا بذكر اللَّه تطمئن القلوب وحين نقرأ تاريخ المجتمعات الإسلامية نجد نسبة الذين يقدمون على الانتحار في هذه المجتمعات منخفضة جداً لوجود طمأنينة في القلب من خلال ذكر اللَّه عزّ وجلّ...".

الوسواس مرض له صولات وجولات، ينقم عليه أصحاب النفوس الضعيفة ويغلبه ذوو الإرادات القوية، فهل سيتمكن علماء الدين والنفس يوماً من إقناع "مرضى الوسواس" بالإقلاع عن عاداتهم؟!..

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع