ايفا علوية ناصر الدين
اقترب أحد الصحافيين وهو يقوم بإجراء تحقيق حول الغزو الثقافي من شاب في أحد محلات الكمبيوتر والانترنت، يجلس أمام شاشة الكمبيوتر مسمِّراً عينيه وهو يضغط بأصابعه على الأزرار في لوحة المفاتيح بحركة متسارعة تتيح له التحكم بمسار اللعبة التي يُسلِّي نفسه بها، متقمصاً فيها دور المقاتل الأميركي "البطل" الذي لا يستطيع أحد أن يقف في وجه قوته التي يقضي بها دائماً على خصمه "الإرهابي" ويخرج من معركته حاملاً لواء "العدالة والسلام" وتلك الابتسامة بعد نشوة الانتصار.
وقف الصحافي أمام الشاب وبادره بالسؤال: كيف تغزونا ثقافة الآخرين برأيك؟ لم يتوقف الشاب عن متابعة لعبته المشوِّقة وهو يرد على السؤال باستغراب بالغ ترافقه سخرية واضحة: وما علاقة ألعاب الكمبيوتر بالثقافة؟!
لو عرف ذلك الشاب وهو الذي يظن أنّ الثقافة ترتبط بالكتب والمجلات فقط، أن الثقافة تشتمل على كل ما في حياة المجتمع من معتقدات وأفكار وعادات وتقاليد وأعراف وطرق المأكل والملبس والتصرف، لما كان أدهشته ذلك السؤال؟ ولو عرفنا أن موضوع الغزو الثقافي مهما كان مصدر سواء كان جهاز الكمبيوتر أم التلفاز أو الكتب وغيرها تكمن خطورته في الطريقة التي نتعاطى فيها معه لما عُدنا بحاجة إلى تكرار السؤال: كيف تغزونا ثقافة الآخرين؟