يوسف كساب
أَسْلَمْتُ قلبي وامْتَشقْتُ جَناني وَيدي وكلَّ قذيفةٍ بِبَياني
وخرجتُ للميدان يحمِلُني الوفا متوجِّهاً للقائد الرّبّاني
لَبَّيْكَ نصر اللَّهِ خَفقُ جوانحي وترنّمُ الأنْغام في الوجدان
بيدِ الإله يدي إذْ أَسْلمتْ ليديْكَ أمري وانْقيادَ عِناني
أولستَ للتحرير تَرفعُ بَيْرقاً للأرض لِلأَقداس للإنسان
فبرغم طاغوتِ الزمان ورهطِه وبرغم ما أَبدوْا من الغَليان
وبرغم من ركعوا لِفِرعَوْنٍ وَمَنْ يتغزّلون برفعةِ الهامان
أسْلمتَ وَجهكَ للإله معاهداً متوكلاً من غيرِ ما حُسبان
إلاْ حساب اللَّهِ أنتَ تَخِذْتَهُ سنداً يُجيرُ وسرتَ باطِمئنان
والشعبُ شعبُكَ قد أجاب مناصراً لم يَنْكَفِىءْ بالبَطشِ والشنآن
عشرون عاماً والجراح نزيفُها قد زاد فينا فيلقَ الإيمان
بالأمسِ حرّرْنا الجنوب وأهلنا وتَبَدَّدتْ عمليّةُ الليطاني
ورأتْ عيونُ الدهر نصراً مُعجِزاً بلْ دُرَّةً في جبهة الأزمان
واليوم فاض حصادنا أَتْحَفَتَنا وهمتْ علينا نعمة الحنَّان
تسقي القرى العطشى وتحيي أرضنا من مائنا من منبع الوزاني
شِريانُنا المسروق من أَعناقنا بدأ الرجوع بهمةِ الشجعان
كُرمى لِشَعَبٍ ما أخلَّ وحُجةً تزري وتخزي من دعا لِهَوان
ذاك الذي ساق الكلام معوقاً ومُهَوِّلاً بالويل والخسران
ألْعينُ تَعِيْى أن تقاومَ مخرزاً! وكذا تظلُّ مواقف الجَّبان
كلاَّ وألفٌ مثلها إن أمّةٌ بجهادها صدقتْ مع الديّان
فله جنودٌ لو علمتَ عديدةٌ أوما نظرتَ بِمُحكِم القرآن؟
فانظرْ دماء البغي كيف تجمّدتْ وسرى الخُوافُ بطفحة الشيطان
وكأنما الأطيار فوق رؤوسها بعد الوعيد وجُنَّةِ الفوران
وهنا على طُهرِ التراب فديتُهمْ عمل الأباة بإمرة الرُّبّان
وعلى الزِّناد زنودُهمْ قد أُحْكِمَتْ لتواجهَ العدوانَ بالعدوان
والأمر ماضٍ والقرارُ محتّمٌ: فالرَّدُّ آتٍ في خلال ثواني
هذا هو العَزْمُ الذي إلْهامُهُ ماخِلتُهُ إلاّ من الرحمن
جيشٌ مقاومةٌ وشعبٌ صامدٌ والقادةُ النجباء في الميدان
والاحتفال جرى بِأَرْوَعِ صورةٍ بالشِّيب والولدان والشُّبّان
وجرى الخير إلى قرى ظمآنةٍ فتوجَّهت لِلّه بالشّكران
والشكر منا أن نكون بأمره ضد الظلوم وموجة الطغيان
فالطفْ بنا يا ربَّنا وتولَّنا بالعزمِ كي ننآى عن الزَّيَفان
واربِطْ على طهرِ القلوب بصبرها في البأس والبأساء والأحزان
حتى يظلَّ مع الهداةِ دعاؤنا ونعيشه في السرِّ والإعلان
ونعيُدها لَبَّيْكِ أَشْرِعَةَ الهدى بالنفسِ بالأموال والولدان