مع الإمام الخامنئي | احفظوا أثر الشهداء* لماذا غاب الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حتّى الآن؟ فقه الولي | من أحكام الإرث (1) آداب وسنن | تودّدوا إلى المساكين مفاتيح الحياة | أفضل الصدقة: سقاية الماء* على طريق القدس | مجاهدون مُقَرَّبُونَ احذر عدوك | هجمات إلكترونيّة... دون نقرة (1) (Zero Click) الشهيد السيّد رئيسي: أرعبتم الصهاينة* تاريخ الشيعة | عاشوراء في بعلبك: من السرّيّة إلى العلنيّة الشهيد على طريق القدس المُربّي خضر سليم عبود

بأقلامكم: إلى كل لبناني‏

حنان الساحلي‏


جمعتُ أشيائي في حقيبة السفر.. فأثقلتها الأوزان.. وكذا ذكرياتي صففتها وضممتها كرزم السنابل.. ولففتها بشرائط العهد لئلا تنفلت منها ذكرى.. وأودعتها صميم الفؤاد فأثقله الوجد.. من قال يومها أني لم أخف مغبة أن تفسدها صروف السنين التي هالني سماع حوافر قدومها.. والتي غشاني كثيف غبار فبتُّ أجهل كمَّها؟؟.. تماماً كإلتياع فؤادِ أمٍ وضعت للتو وليدها لكنها حُرمت ملامسته، وضمَّه وشمَّه واستئناس النظر إليه.. تركتُ وطني وقد انعتق للتو من قيود الأسر... وأي شي‏ء تراه أشد إيلاما على فؤادي المهاجر؟!؟!.. أن يرحل دون أن يخشع هناك حيث صلّت الكائنات صلاة الانتصار في مهيب المكان.. كيف لا؟ والمكان موطى‏ء لأقدام مجاهدين وشهداء..!!!..

مذّاك أصبح الجنوب مزاري الذي أحيّيه عن بعد... وأهدي لتلك الأرواح المتعانقة كالدوالي صلواتي وقرابيني.. فما بين الانتظار والحنين شعلة نار من قبس موسى، زيتها دموع في حضرة وقفة خاشعة لذرى عاملة. عامان على الانتصار... لكني حسبتها في غربتي كألف عالم. كنت أخلو فيها بعيداً عن جلجلة الضوضاء(افلفش) رزم الذكريات فتستحيل رسوماً وهياكل استعارتها مخيلتي علّني أجد فيها رسماً ل: الرفيع وصافي، مليتا والجبور، الدبشة والجرمق وغيرها من أسماء لا تغادر ذاكرتي.. يا إلهي!!.. ما أجهل من قال أن البعد جفاء أو أن ما غاب عن النظر نسيه الخاطر، تعالوا وانظروا حالي.. سلوني عن النار المستعرة في أعماقي ما كان وقودها سوى حرارة البعد ولوعة الهجران...

في غربتي.. ما مشيت يوماً إلا وكانت السماء أمام ناظري لوحة كبيرة ترسم على تقاطيعها ألوان الشفق المسترسلة من وداع الشمس كأنها تلوح للمرابطين على الحدود معلنة أن لها في الغد إشارقة أخرى.. ما مشيت يوماً إلا وانتظرت من عصفورٍ طليق بشارة الزيارة إلى لبنان.. وما أسعدها من لحظات!!.. تجمع فيها أشياءك في حقائب العودة ومهما كانت ملئية، لا ثقل لها.. وكذا وَجْدُ الذكريات تماماً كقطع النفناف التي مهما ثقلت وكثرت تبقى خفيفة عندما تلامس الزجاج.. وشرعت أبرمج لأمنيات اللقاء... في صباح يوم ربيعي.. خرجت مع طفلتي في نزهة قصيرة كنت أشعر بأنامل النسيم الهادى‏ء تلاطفنا، والشمس في عليائها ترافقنا.. بادرتني طفلتي بسؤال جميل... ترى لماذا تغيب الشمس... وتتركنا في الليل؟.. أجبتها دون تعمّد في التفكير: لأن المقاومة في الجنوب تحتاج دائماً إلى الليل لتستطيع التحرك في الوديان والجبال دون أن يراها الأعداء.. وشرعت بسرد فصول حكاية المقاومة والجنوب. وماذا يملك لبنان سوى المقاومة؟!..

كنا أذلاء بين الأمم فرفعت هاماتنا إلى العلاء... كنا صغاراً فجعلتنا الكبار الكبار... نعلو غرَّة الشمس وشموخ الجبال.. أي مقاوم ليس له منّة علينا بجرح.. أو غرزة شوك أو سهر ليالي.. علّمنا المقاومون أنّ مع الغزاة لا مساومة والصلح معهم زناجير(1) ذلَّة حول معاصمنا.. وأنّ لا شي يبقى لنا سوى الالتفاف حول المقاومة... نصرة المقاومة... الدفاع عن المقاومة ولو بنظرة... بكلمة حق تقال أمام الملأ..

(1) المفرد زنجير، أي سلسلة معدنية، وفي اللغة العامية (جنزير).

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع