ايفا علوية ناصر الدين
قليلون هم من أدركوا معنى السعادة، كانت أنفسهم تواقة
إليها مثلنا لكنهم ما أخطأوا في البحث عنها، جدّوا فوجدوا طريقها، وسارعوا لرسم
خطواتهم على خطوط مسيرها، فكانت لهم عليها آثار أقدام.
ما رأت أعينهم في هذه الدنيا
موطناً للسعادة؛ فلو كانت كذلك لم نفتح أعيننا على البكاء في اللحظة الأولى التي
نبصر فيها نور الوجود... ما رأوا سعادتهم في حفنة نُقود لأنهم عرفوا أنَّ السعادة
لا تُشترى بمال أو جواهر، وما مهرها إلا زاد يرافقنا إلى موطن السعادة.
ما هَوَتْ قلوبهم إلى الدنيا، ما خدعتهم مظاهرها ولا غرّتهم مناظرها، وما ركضوا
خلفها لاهثين، ولا ضاعت أوقاتهم في مسارحها لاعبين، فما عنت لهم أكثر من شجرة
يتفيّئون ظلالها برهة ثم يرحلون عنها إلى حيث يكون المستقر. هم عرفوا طريق السعادة
وبدت ملامحها على وجوههم عندما ودّعوا هذه الدنيا بقلوب مطمئنة ونفوس هادئة وضمائر
مرتاحة، وسافروا إلى المقر الأبدي... إلى موطن السعادة. قليلون هم من عرفوا معنى
السعادة، لكنهم محقُّون.