صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

أول الكلام‏: الغناء لغة تسبيح وتعبير ولكن...


الشيخ أحمد وهبي‏


قال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام: في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ ... نقض الجدر تسبيحها. وعنه عليه السلام: "أما سمعت خشب البيت تنقضّ؟ وذلك تسبيحه، فسبحان اللَّه على كل حال".

على هذا الأساس كما أن قول الإنسان سبحان اللَّه بلحن حزين أو مفرح يحتوي على موسيقى خاصة تخرج من صميم وجوده وتميز حالته، وأحاسيسه، ونعرف ذلك من لحن صوته وحنينه وحشرجته، فنستفيد من الأصوات والألحان أحاسيس ومختلجات ومشاعر ونتأثر بها فتثير فينا الحزن أو الفرح. كذلك باقي الموجودات غير الإنسان لديها هذه النغمة للتعبير عن ذكرها للَّه وتسبيحها له ولكلٍّ موسيقاه الخاصة ولحنه الخاص في التعبير عمّا يجري في تكوينه من المقادير الإلهية.. فالجن كما في الرواية لغتها الصفير صفة النار، والملائكة لها لحن خاص قد يشعر به الإنسان وهو يُحدّثه الملك. وهذا ما يدلنا على وجود الموسيقى في الكون. في الدعاء: "سجد لك سواد الليل ونور النهار وضوء القمر وشعاع الشمس ودويّ الماء وحفيف الشجر.." وكأن هذه الأصوات الموسيقية، والأنشودات التكوينية لغة وجودية تشترك بها جميع الكائنات وتختلف بأسلوبها، نجدها لدى الأمم حين تعبّر عن فرحها وشقائها عند الإنسان والحيوان.


ما المشكلة إذاً في الغناء والموسيقى؟
المشكلة أنهما خرجا عن كونهما لغة التسبيح ولغة التعبير الوجودي عن الشكر والحمد لخالق الكائنات. الغناء والموسيقى صارا لغة الغرق في الماديات، في المظاهر، في الأصوات الجوفاء التي تصم سمع الإنسان بضجتها، وتدعوه للخمول، والغفلة عن حقائق الأشياء، تدعوه للفساد والغرق في وحولها غافلاً عن الموت وما بعده وعن حقيقة وجوده كإنسان له أهداف وغايات، وصفات وأخلاق، ولديه واجبات في هذا العالم وفي هذه الحياة. الغناء والموسيقى اليوم تحوّلا إلى وسيلةٍ جعلت الإنسان أسيراً للّذة الجسدية، بدل أن تطلقه وتحرره لينطلق في رحاب الروح والمعنويات الواسع الذي لا حدود له. ولعل أمير المؤمنين علياً عليه السلام هذا ما أبكاه عندما سمع صوت المعازف، وعبَّر عن سبب بكائه بأن هذه الآلات الخشبية تسبح اللَّه عزّ وجل فجعلها العازف آلة للملاهي ونسيان اللَّه سبحانه.
وإلى اللقاء...

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع