ذكر الإمام القائد الخامنئي دام ظله في العدد السابق
ثلاثة أصول ومبادئ أساسيّة في فكر الإمام الخميني قدس سره، والتي تتكفّل معرفتها
بإفشال محاولات تحريف هذا الفكر الأصيل. وذكرنا أنّ الأصل الأوّل هو الإسلام
المحمّديّ الأصيل، والثاني: الاتّكال على العون الإلهيّ والثالث: الإيمان بإرادة
الناس وقوّتهم.
فيما تتم هذا المقال الحديث عن الأصول الأخرى.
* الدفاع عن المحرومين
الأصل الرابع: دفاع الإمام عن المحرومين والمستضعفين ونصرته لهم، حيث كان يرفض
التمييز والفروقات الاقتصاديّة رفضاً باتاً، وكان مناصراً حقيقيّاً للعدالة
الاجتماعيّة بالمعنى الحقيقيّ للكلمة. ولعلّ الدفاع عن المستضعفين من أكثر المواضيع
التي تناولها الإمام في كلماته، حيث كان يدعو الجميع إلى العمل وبذل الجهد لاستئصال
الفقر، والسعي في مساعدة المحرومين لإنهاء حالة الحرمان. وكان يؤكّد مراراً على
الاعتماد على الطبقات الضعيفة والثقة بوفائها، ويكرّر القول إنّ سكّان الأكواخ
والفقراء والمحرومين هم الذين ملأوا الساحات رغم حرمانهم دون اعتراض، وهم الذين
يتواجدون في ميادين الخطر. كما كان يشدّد على استخدام بيت المال بشكل صحيح، وتجنّب
الإسراف. وهذه بدورها واحدة من الخطوط الأساسية المتمثّلة بالعدالة الاجتماعيّة
ومناصرة المحرومين والابتعاد عن النزعة الأرستقراطيّة والنزوع إلى البذخ
والكماليّات والعمل في هذا الاتّجاه.
* الأصل الخامس: أمريكا؛ الشيطان الأكبر
كان الإمام يقف بصراحة في الجبهة المناهضة للقوى الدوليّة المتغطرسة والمستكبرة
دونما مراعاة ومجاملة. وحين يقف عتاة العالم والمستكبرون والقوى المتسلّطة في
مواجهة المظلومين، كان الإمام إلى جانب المظلومين، ويصرّح بذلك دون مواربة وتقيّة.
وفي عدائه للمستكبرين كان مصطلح "الشيطان الأكبر" في وصف أمريكا إبداعاً مدهشاً من
إبداعات الإمام. ولهذا التعبير -"الشيطان الأكبر"- امتدادات معرفيّة وعمليّة كثيرة؛
إذ إنّ تعاملك سيكون واضحاً ومشاعرك ستكون جليّة في حقّ ذلك الشخص أو الطرف الذي
تعتبره شيطاناً. وكان الإمام حتّى آخر حياته يؤمن بذلك إيماناً راسخاً.
* للمظلوم عوناً وللظالم خصماً!
وفي المقابل، دعم الإمام الخمينيّ الجليل على مدى هذه الأعوام الطويلة فلسطين ودافع
عنها، كما ودافع عن أفغانستان أيضاً. ودعم شعب لبنان، ودعم الفلسطينيين بكلّ مودّة
وصفاء. هذا هو منطق الإمام الخمينيّ في خصوص مواجهة الاستكبار.
ففي أيّ موضع يحلّ الظلم فيه يظهر هناك طرفان: ظالم ومظلوم، وعلينا أن نكون للمظلوم
عوناً وللظالم خصماً، وهذا الموقف كان يتّخذه الإمام الخمينيّ بكل صراحة، ويُعتبر
من خطوطه الرئيسيّة.
* الأصل السادس: الاستقلال والحريّة
الإمام كان يؤمن باستقلال البلد، ورفض الهيمنة عليه. ولقد قام العدوّ، على مدى هذه
الأعوام، بالكثير من الأعمال والأنشطة المعادية لبلدنا وشعبنا بهدف النيل من
استقلال البلد، سواء من خلال فرض الحظر أو التهديد. يجب على الجميع التحلّي بالوعي
ومعرفة أهداف العدو؛ وهذا أيضاً من الخطوط الرئيسيّة.
الأصل السابع: الوحدة الوطنيّة والتنبّه للمؤامرات؛ فإنّ زرع الفتن وبثّ
الفرقة هي من سياسات العدوّ الثابتة والمستمرة. ولقد اعتمد إمامنا الجليل منذ
البداية على الوحدة الوطنيّة وتوحيد الصفوف بين أبناء الشعب بشكل لا نظير له. وهذا
بحدّ ذاته كان أحد الخطوط والمبادئ في فكر الإمام. أنتم تلاحظون اليوم أنّ قضيّة
إثارة الفرقة في العالم الإسلاميّ هي إحدى سياسات الاستكبار الرئيسيّة.
* توحيد الجهود حفاظاً على وجود الإسلام
إنّ "وحدة القلب واللسان" قائمة على هذا الأساس. فليتعاضد جميع الأعزاء من شتّى
القوميّات ومختلف المذاهب وليشكّلوا بعضهم إلى جانب بعض "يداً واحدة" ولا يسمحوا
للعدوّ بالتسلّل والنفوذ إلى قلب العالم الإسلاميّ. كذلك على النطاق الواسع فليتّحد
الإخوة السنّة والشيعة معاً وليعلموا أنّ العدوّ يهدّد أصل وجود الإسلام وكيانه،
وهذا أيضاً يمثّل أحد الخطوط الأساسيّة.
لقد استعرضتُ سبعة عناصر من أسس ومبادئ الإمام الخمينيّ، وهي لا تنحصر في هذه
السبعة بالتأكيد. لكن، لا يحقّ لأيّ أحد أن ينسب للإمام ما يحلو له من الكلام.
وإنّما يجب أن ننسب إلى الإمام ما هو موجود في آثاره بصورة متكرّرة ومتواصلة.
* هدف العدوّ الحقيقيّ..
وليعلم الجميع أنّ هدف أعدائنا الذين يظهرون بشتّى المظاهر والوجوه هو السيطرة
والهيمنة على البلاد. العدوّ يعادي الإسلام ويحاربه لأنّ الإسلام يعارض هذه العودة
بشدّة ويمثّل القوّة المقاومة أمام مؤامرة العدوّ هذه. هو يعادي الإسلام لعلمه بأنّ
المعارف والأحكام الإسلاميّة تشكّل سدّاً منيعاً في وجهه.
اللهمّ اجعلنا من السائرين الصادقين على هذا الطريق واجعل موتنا شهادة في هذا
السبيل. اللهمّ اجعل القلب الطاهر لصاحب العصر (أرواحنا فداه) مسروراً وراضياً عنا.
(*) من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله. في الذكرى السادسة والعشرين لرحيل
الإمام الخميني قدس سره والتي ألقاها بتاريخ 04/06/2015 في مرقد الإمام الخميني قدس
سره.