نهى عبد الله
"لا تخدع نفسك، فكل ما تعتقده غيباً وعملاً إلهيّاً هو
أمرٌ له تفسيره العلمي. كن واقعياً، ودع عنك أحلام الفلاسفة ورجال الدين".
كان هذا تعليق "عاقل" المعتاد على إيمان صديقه "مبصر" الذي دافع: "تذكّر أنّ حرارة
البركان أشدّ من أن يحتملها مقياس حرارة، فالحقائق الإلهيّة الكبيرة لا تدخل مختبرك
الصغير. ألذلك تهرب كلّما تحدّثنا عن "الله"؟! ليتني أهبك يقيني. المهم، أتمنى أن
تنجح تجربتك العلميّة". كانت هذه تهنئته لصديقه "عاقل" على انتزاعه موافقة رسميّة؛
لإجراء تجربته "اختراق الزمن".
تمركز"عاقل" في مركبته بانتظار ساعة الصفر. وسائل الإعلام تنقل الحدث الأبرز،
ومراكز الدراسات المموّلة للتجربة تراقب.. انطلق بالمركبة إلى المستقبل.. اكتشف
"عاقل" خلالها حقائق علميّة مدهشة... استغرقت جولته 8 ساعات، سجّل التوقيت وملاحظات
المشاهدة، ليوثّق تجربة العمر المبهرة.
عند عودته، شعر بارتطام المركبة بقوّة وغاب عن الوعي، استيقظ وحوله الخبراء. بادره
أحدهم: "أحرجتنا بلعبتك أمام وسائل الإعلام". تفاجأ "عاقل": "أيّة لعبة؟! لقد نجحت
التجربة، ولديّ أدلّة دامغة، كاميرات الرؤية والتسجيل، المعلومات في لوحي
الرقميّ... أمضيت 8 ساعات". قاطعه الخبير: "مضت ثانيتان فقط لينفجر محرِّك المركبة
في مكانه، ولم تغادر، أمّا التسجيلات ولوحك فهي خالية تماماً". أجابه: "الملاحظات
العلميّة ما زالت في رأسي"، ردّ الخبير منهياً النقاش: "هلوساتك لا قيمة لها دون
أدلّة حسيّة". أدرك "عاقل" بصيرة صديقه، وتنهّد: "أنا متيقنٌ تماماً ممّا
اختبرته، كم هو عاجزٌ مقياس الحرارة عن احتواء حرارة البركان! لطالما بحثت عن
"الله" في المختبر، لكنّه أثبت لي الآن عجز أدواتي عن إثبات أمر علميٍّ لكم.. ليتني
أهبكم يقيني!".
ما لم يفهمه الخبراء، أنّ الكاميرات قد سجّلت بالفعل 8 ساعات... من التشويش!!
لأن بعض الحقائق لا تدخل المختبر.