التحرير
كانت الأمنية الأحبّ إليه أن يرتفع شهيداً. أمّا التوقيت،
فليس مهماً عند الشهيد مصطفى بدر الدين، الذي شهد الموت حين تطوع ابن العشرين
لمقارعة العدوّ الإسرائيليّ عند مشارف العاصمة، أو أثناء تنفيذه عمليات ضدّ المحتلّ
في قلب الضاحية الجنوبية، أو عند ردع هجوم التكفيريّين.
* مسيرة شامخة
مصطفى أمين بدر الدين. اسمه الجهاديّ: "ذو الفقار"، مواليد: الغبيري في 6 نيسان
1961م. الذي تتّقد مسيرته بإنجازات أكبر من أن نحصيها في هذه الأسطر(1):
- الاجتياح الإسرائيليّ 1982م: شكّل مجموعات جهاديّة ودرّبها لمواجهة العدوّ
الإسرائيليّ. وكان من المتصدّين لاجتياح العدوّ الإسرائيليّ عند مداخل خلدة. وقد
أُصيب خلال المواجهات. كما شارك في مواجهات الغبيري وجسر المطار في العام نفسه.
- عام 1992م: تسلّم قيادة الوحدة العسكرية المركزية، وبنى التشكيلات والخطط
العسكرية للعديد من العمليات البطولية والاستشهادية التي دفعت بالعدوّ الإسرائيليّ
إلى الانسحاب عام 2000م. كما كان له دورٌ بارزٌ أثناء عدوان تمّوز 1993م وعدوان
عناقيد الغضب 1996م وعمليّة أنصاريّة النوعيّة1997م. كما عمل على تفكيك عشرات شبكات
التجسّس لعملاء العدو الإسرائيليّ في الداخل اللبناني.
- الأزمة السوريّة 2011م: كان من أوائل القادة الذين خطّطوا وقادوا وواجهوا
المخطّط التكفيريّ على امتداد الأراضي السورية عسكريّاً وأمنيّاً.
- الشهادة إكليل الجهاد 2016م: نال شرف الشهادة قرب مطار دمشق الدوليّ بتاريخ
13/5/2016م.
* المغامر العاقل
رجل هادئ، يتميّز بجرأة مجبولة بالخبرة والإقدام والمبادرة والثقة العالية بالنفس.
يحلو للبعض تسميته بـ"المغامر العاقل".
هامةٌ بهذه الضخامة يصعب على وسائل الإعلام التقاط ملامح وجهها، فضلاً عن ملامح
شخصيتها، إلّا بعد الشهادة التي ترفع اللثام عن جزء صغير من هالة السريّة في رجال
كانوا لله فقط. هكذا باح الإعلاميّ عبّاس فنيش متذكّراً لقاءه بـ "السيّد ذو
الفقار"(2)، بادره السيّد قائلاً: "أنا عتبان عليك، شفتك عم تروح على تغطيات بلا
درع وطاسة". لا يعطيك فرصة: "أنا مش ناقصني. يا (فلان) بتجبلو درع منّي".
* السيّد وحرب الأدمغة
يسأله عبّاس فنيش: "عسيرة الجنوب، مش أنت صاحب عبارة حرب الأدمغة؟"، ابتسامته لا
تأتي بمعرض الاعتداد، بل تميل إلى تحضير جواب يستحضر فيه حادثة، جرياً على عادته:
"هيدي عبارة قصتها طويلة. ليك يا حبيبي، بدك حرب أدمغة، رجاع لأنصارية 97. الله
يحفظو سماحة السيد كشف شي، بس لليوم ما انقالت القصة كلّها، هيدي اشتغلناها أنا
والحاج عماد الله يرحمو". يسكت. يطبق شفتيه. لا نفع من محاولة طلب فتحهما، تتذكر ما
يُروى عن أنّه قام بتقطيبهما عند اعتقاله في الكويت، حتّى لا يدلي بمعلومات.
* بين "ذو الفقار" و"بدر الدين"
يجتاحك صراع بين "ذو الفقاريته" و"بدر الدينيته". لا صحة لما يقال عن أنّهما حال
واحد. في "ذو الفقاريته" هي شخصيته الجهادية. وفي "بدر الدينيته" هو ابن البلد،
"وين فلان؟"، "كيف فلان؟". وقت الغداء "الكل بدّو ياكل"، المجاهدون ابتداءً. هنا
تصدّق ما قيل إنّه دعا قيادات الجنوب بعد جولة، على مأدبة من علب الـ"تونة"
والبطاطا المسلوقة.
الحرس والمجاهدون أوّلاً. عادة رافقت "قلقاس"، لقبه في سجن الكويت، عندما سرق قلوب
الجميع، وفي مقدّمتهم آمر سجنه.
يوم تشييع "السيد مصطفى"، سأل عباس فنيش رفاق دربه الذين حضروا: هل يمكن وصفه
بكلمة؟ كلّهم أجابوا: "السيد ذو الفقار، وبكلمة؟!"(3).
1- موقع العهد، من هو الشهيد القائد مصطفى بدر الدين؟، بتاريخ: 13-5-2016م.
2- صحيفة الأخبار، مقال: أربعة أيام برفقة الـ "110"، بقلم عباس فنيش، 16-5-2016م،
بتصرف.
3- (م.ن).