أرخى الليلُ كعادته، كلّ يوم، ستارَتَهُ السوداء...
واحتضن الأسرار المخبّأة في عتمته
محا السكونُ كلَّ أصواتِ النهارِ الصاخبة
وأطفأ كلَّ مصابيح البشر...
وافترش القمرُ كلّ ذاك الظلام...
وأخذ ينظرُ إلى الأرض
يحصي العاشقين في كوكبنا ويحرسهم
منهم من يؤدّي في فيئه كلَّ طقوس الحبّ..
منهم من يرسله بمهمّة
ويحمّله أمانةً... عجز المكانُ عن حملها
منهم من يرسمُ أحلامَهُ فوق وجه القمر
ويسطِّر كلّ مشاعِرِه وذكرياتِه
أمّا في لبنان...
العاشقون الحقيقيّون
عشقوا الأرض.. ذابوا في ترابها.. حتّى صاروا كينونتها..
عاشقٌ من عشّاقها
سرق لوجهِهِ ضياءَ القمر...
واختلس كلّ الروائع
وكلَّ ألويةِ الحبّ
وألصقها بروحه...
وأهداها للجنوب...
تحت جَنحِ ذلك السواد.
ومثْلُهُ عاشقون كثيرونَ في وطني
في كلِّ ليلةٍ يُسامرون القمر...
إلى أن يصبحوا هم الأقمار...
يحرسون كلَّ العاشقين مثلهم مِنَ العُلى.
حوراء كمال حمود