تختلف مشارب المجتمعات ومنابعها ويتحدد مستواها كلٌ بحسب
ما يحمل من عقيدة ومبدأ يعبِّر عنها أسلوب عمل وطريقة عيش أفراده. فهناك المجتمع
الفاسد، والمنحطّ، والمتخلف والاستكباري، والانهزامي و... وأفراد كل مجتمع يمتازون
عن غيرهم من أفراد المجتمعات الأخرى بما يحملون من أفكار خاصة بهم.
والمجتمع المقاوم ليس ككل المجتمعات وشتَّان ما بينه وبين المجتمعات الأخرى، فهو قد
اتخذ العمل المقاوم سبيلاً للعزة وحفظ الكرامة مستلهماً من عقيدة الإسلام وقاعدته
الفكرية، يسير خلف قائد إسلامي يأمر وينهى ويحدِّد أولوياته، وأفراده يلتزمون بما
فيه مصلحة للأمة ينتهون عن أنانياتهم ويقاومون للنصر ولحفظ النصر فيزدادون رفعة فوق
رفعة ويحملون صفاتٍ لا يحملها الآخرون، هذا المجتمع الذي كلَّل مسيرته بالانتصار
والمثابرة على متابعة الطريق بكل الطرق وشتَّى الأساليب، كان لا بد من الدخول إليه
من الباب الواسع لنغرف من بحره العميق وندرس هوية أفراده ونتعرف على أجزاء من
تفاصيله، نقف على أسباب الرِفعة والتميُّز ونستلهم من شخصياته دروساً وعِبر ونتعلم
أخلاقيات وأسرار تفوقهم، لماذا أصبح هذا المجتمع النموذج الأمثل في حركة جهادية
متكاملة؟ هذا ما ستجيب عنه مجموعة المقالات والمقابلات واللقاءات والتحقيقات التي
تضمنها الملف.
عزيزي القارئ
ما تعرضنا له هو غيض من فيض هذا المجتمع، ومهما حاولنا الإحاطة به نبقى قاصرين عن
إدراك مفرداته كلها ومعرفة أفراده لا سيما مجاهدي المجتمع المقاوم وشهداءه قلب هذا
المجتمع الذين تاجروا مع الله فاشترى منهم أنفسهم وربحت تجارتهم. إليك عزيزي القارئ
هذه الباقة من المواضيع سائلين المولى أن يمدّنا بالعون لنكون في خدمة من صنعوا هذا
المجتمع بأرواحهم ودمائهم.