بسم الله الرحمن الرحيم
﴿... فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ صدق الله العلي العظيم الكهف/110 إن الأشخاص الذين تعرَّفوا على الشهيد الدكتور مصطفى شمران يدركون أن قلبه كان متعلقاً بلقاء ربه، لذلك كان في سعي متواصل للقيام بالأعمال الصالحة ليتقرّب بها إلى جوار الله تعالى، ولم يكن يهتم في سعيه وخدمته إلاَّ بمعبوده الواحد الأحد.
عرف الشهيد شمران كيف يضع كامل استعداداته وإمكاناته التي أودعها الله تعالى أمانة عنده في طريق سيره وسلوكه إلى معشوقه كذلك عرف كيف يهاجر في حياته من الرفاهية المادية والمقام والمنصب والجاه والمرأة والأولاد ليقدم كل وجوده على طبق من الإخلاص إلى محبوبه. جاهد في إيران وأميركا ومصر ولبنان وتحمل العذاب والألم أسوة بقادة قافلة التشيع المخلصين عبر التاريخ على أمل اللقاء والخلاص بخروج صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
في الذكرى السنوية الثامنة عشر لاستشهاده نفتقده إنساناً مؤمناً متوكلاً عارفاً ضاقت به روحه فراحت تحلّق في رحاب الملكوت وتفيض بالعزيمة والصبر والسكينة على محبيه وعاشقيه. ونقدّم للقرَّاء الأعزاء رسالة قائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني سلام الله عليه بمناسبة شهادة الدكتور مصطفى شمران: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
أقدّم العزاء والتبريك لحضرة ولي العصر أرواحنا فداه بمناسبة شهادة مربي الإنسان مفخرة الإسلام القائد القدوة المجاهد الحي الملتزم طريق الله تعالى الملتحق بالملأ الأعلى الدكتور مصطفى شمران. العزاء لأمتنا المعطاءة للشهداء قد خسرت جندياً كان يصنع البطولات في جبهات القتال سواء في لبنان أو في إيران وكان مرامه وأهم ما يسعى إليه هو الإسلام العزيز وانتصار الحق على الباطل، كان مجاهداً تقياً ومعلماً ملتزماً وبلدنا الإسلامي بحاجة له ولأمثاله بشكل مبرم. التبريك لأن الإسلام العظيم يقدم أمثال هؤلاء الأبناء للشعوب والجماهير المستضعفة ويربي في أحضانه قادة من أمثاله. أوليست الحياة عقيدة وجهاداً على هذا الطريق؟ بدأ شمران العزيز حياته وختمها بعقيدة طاهرة خالصة غير مرتبط بالفئات والجماعات السياسية، وجاهد على هذا الطريق معتقداً بالهدف الإلهي العظيم. انطلق في حياته بنور المعرفة والارتباط بالله تعالى ومضى مجاهداً وضحَّى بنفسه على هذا النهج. عاش مرفوع الرأس واستشهد مرفوع الرأس ووصل إلى الحق.
إن الجهاد في سبيل الله والتضحية بالنفس من أجل الهدف لا الهوى بعيداً عن الغوغائية السياسية والأنانية الشيطانية هو فنٌ لا يتقنه إلاَّ رجال الله. لقد رحل بشرف إلى محضر الله تعالى، روحه سعيدة وذكراه حيَّة.
أما نحن فهل نستطيع أن نتمتع بهذا الفن؟ مع الله الذي يأخذ بأيدينا ويخلصنا من ظلمات الجهل والنفس. أقدم التعازي بهذه المصيبة للشعبين الشريفين الإيراني واللبناني، بل للشعوب الإسلامية والقوات المسلحة والمجاهدين على طريق الحق ولأهل ولأخ المحترم لهذا المجاهد العزيز، وأطلب من الله تعالى الرحمة له والصبر والأجر لعائلته المحترمة.
روح الله الموسوي الخميني
19 شعبان 1401 هـ.ق
21/6/1983