مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

خاطرة: الموكبُ الملكيّ



إجمعوا شجر الموت كي يحترق إلى الأبد..
وادعوا بساتين الأرض لاحتفال ملائكي..
رضّعوا بالياقوت الشوارع الحزينة..
أضيئوا القرى والمساجد..
دقّوا الأجراس أقيموا الأعراس..
زيِّنوها بعناقيد "الدفلى" ضاحية المدينة..
هي الشاهد الأوّل على غيابهم..
وعلى وداعهم..
فلتكن أول من يشهد رعشة الأرض بهم وملامح الجرح.

علّقوا عند المفارق مناديل النصر..
ولا تبكوا بعد هذا العمر..
إن الشمس لنا وحدنا
نزرعها حيث شئنا
هي وردة جرحنا الذهبيّ..
القوا قلائد الدمع..
إن الأرض أخرجت أثقالها من عروق الدم
وجرى سيلها قمحاً وصبحاً وزغرودة
في عين أمْ..

انظروا بين أيديكم..
إنها أسماؤهم تضرُّج الأنامل بابتسامات الدماء..
إنها عيونهم المخبوء فيها، ألف حلمٍ إلى هذا الزمن.
يا واقفين عند نوافذ الانتظار المُرّ..
"والمعبر" الذي هشّمهُ الدمعُ والنحيب القرويّ..
استعدّوا للعناق..
ثمة من يجيء كالمستحيل..
ثمة حكاية كبرى عن الشهيد وعن القتيل.

أكثر من مئة بذرة للعِزّ..
ومن يسنى يومهم البهي..
جاؤوا.. ولا شي غير خرير أصواتهم بين الزحام..
عبّرت أسماؤهم من أمامنا..
قرأناها وبكينا..
إنها سيرة الوطن الأسيّ..
مشى الموكبُ الملكيّ
جثَّةً جثّةً.. وخلفهم تشدو نايات الزمان..
رنّم الصمت وصاياهم..
ضجّ بها الزمان والمكان..

يعبرون الجسر.. والبحر خلفهم يشربُ رحيق الماء من أثوابهم..
والشمس تتفيّأ سحر النعوش، التي هفت.
عليها زهور الأرض وعصافير السماء..
أفْسِحُوا لي كي أراهم..
إني أعرف وجوههم المشغولة من تراب عسليّ..
وعيونهم التي تذوب فيها الأغاني الناعسة..
وهاماتهم التي تشتهيها مواسم الأرض..
عادت لتسقيها، نعناع القرى العطريّ..

مشى الموكب الملكيّ..
ويدُ ولهى تمتد خلفه، إلى نعش الحبيب...
تحاول أن تصلي...
وصوت "يندَهُ": "بُنيّ، أنا أمك يا عمري تمهّل".
آهِ لو أني أُمسِّد شعرك ووجهك الطريّ كما كنت أفْعل..
لو أني أشمُّ قميصك ثانيةً
أتراه كما كان ساعة طويته لك، وساعة ارتديته،
يقطر مِسْكاً، ونُسيمات مرمر..
وملهوفة..
قالت على امتداد الانتظار الصعب..
"نَذْراً عليّ لإن عاد.. لأغرسنّ دروب الأرض ريحانا.."

كانت بين الواقفين..
تشهد اقتراب الفتى القمريّ..
واقترب.. لكنه على أكفّ الصحاب محمول..
ماذا تقول:
"يا بني يا غصن البان..
يا زينة كل العرسان..".
وما أكملت..
أوقف الدمع معزوفتها البلديّة..
ها هي تحاول ثانية..
لن أندب عمرك الزهريّ يا عمري..
ولن أبكيك..
ها أنت عدت..
وأنا كل يوم سآتيك..
اغسل التراب عن ضريحك الممشوق..
واغرس جنبه، نبتة ياسمين، يتعانق عطرها مع بخور دمك النديّ

مشى الموكبُ الملكي..
عبر الجسرَ والسَّاحة الرمليّة
بعد أن قرأ "الوصيُّ" عهداً وصلاة..
وامتدت أكفٌّ من بين النوافذ تلوّحُ..
ومدامع تحكي صدى اللحظات النبيّة..
منْ لم يَسْمع نداءهم:
يا أحبّة الدرب..
زفُّونَا..
إنَّا للمجد أحدوثة.. إنَّا للنصر ولادة..
حملنا سيف الحسين.. وعدنا عرسان شهادة..
ولم نمت..
ولم تذبل ورودنا البيضاء فوق الصدور..
وما ضاع العمر..
سيعود الزمان لنا ثانية..
ونحمل الدم "زوّادة" الفجر، لانطلاقة لن تنتهي..
ونعبر إلى دخان الأرض..
ننفخ فيه، فيمطر خضاباً، لأكفٍّ تفرُّ من
بينها طلقات الحرية..

يا قادمون وأرواحكم سنابل القمح التي يعشقها الصبح..
وتغنّيها الينابيع، وتشمخُ بها جذوع التراب..
عيونكم، قناديل العمر، ومصابيح
القرى المنتظرة أنسامكم منذ زمن..
مَنْ قال انكم غبتم وإننا نسيناكم..
أنتم العمر كله
وما أضيق العيش لولاكم..
أنتم الأرض والتراب والهوية
وكل الزمن قهرٌ وليلٌ لولا دماكم.

يا أحبّة الله
سلامٌ ليومكم الحبيب..
جئتم.. ونظلّ نجيء إليكم..
نسلّمُ عليكم..
نخلع حزن القلب
نسقيه وردكم..
بكم اقتربت ساعة النصر..
وانهدمت أزمنة القهر..
قُمْ شعبي، مُدَّ يدك لمن أقْبل..
لنعوشٍ تحمل إلينا الشمس والغد الأجْمل..

قم أيها الوطن..
سبَّح باسم الدم الذي فداك وروَّاك..
وشمخ به شعبك، وطلع من شمسه أرزك..
إقرأ سيرة الأوفياء..
اخلَعْ نعليكَ، في أرضك شهداء..

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع