مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نصوص تراثية: تذكر يا ولدي ستَر الله عليك

السيّد رضيّ الدين ابن طاووس

وتذكَّر يا ولدي محمَّد، ذكّرك الله جلَّ جلاله بالمحبة لك، والعناية بك في مقدس حضرته، حديث ما تحتاج إليه من كِسوةٍ تستُرُكَ بها من عيون الناظرين، والقيام في خدمة ربّ العالمين. وكيف استخدم لك في ثيابك كما استخدم لك في طعامك وشرابك، فإنّ ثيابك إذا كانت من النبات فكلّ مَن استخدمه لك جلَّ جلاله في الماء والخبز فقد استخدمه في الثياب، وزاد عليه استخدام من يعالج إصلاحها من الحيوانات والدواب وذوي الألباب.

*تذكَّر ما أنعم عليك
فمن يدقّ الكتّان ويلقط القطن ويصلحهما للنساجة؟ ومن ينسجهما؟ ومن يخيطهما لك؟ ومن يحملهما إليك؟ فإذا أنعم الله جلَّ جلاله بكسوة عليك، فاخلُ بنفسك مع ربك جلَّ جلاله، وطهِّر جسدك وقلبك من الآثام ووسخِ الذنوب بالتوبة، وغُسل التوبة، وما يُزال به دنس العيوب. وقُم قائماً بين يدي المطّلع عليك، وخذ الثياب من يد حال وجوده، ومن لسان حال كرمه وجوده. واذكر كيف كنت تكون لو أحضر لك السلطان خُلعة قد استخدم لك فيها خواصّ مملكته ومماليكه وجنده، وأهل معرفته. وعمل فيها بيد قدرته، وأحضرك لتلبسها بحضرته، ويراك كيف تعمل في شكر نِعمته. فكن على أقلّ المراتب على تلك الصّفة عند لِبس خُلع الله جلَّ جلاله في تعظيمها، والشكر للمحسن الواهب. واستبعد أن يكون زمان بني أميَّة تركت أموال المسلمين خالية من الشبهات. وكذلك، معاملة العرب ومن يهون بالمحرّمات.

*اللهمَّ أنت المالك لأصل الحقوق
فيحسن أن تقول يا ولدي (محمَّد) عند لبس الثياب الجديدة (اللهمَّ إن كنت تعلم أنَّ فيها شيئاً من المحرَّمات أو الشبهات فأنت المالك لأصل الحقوق والمالك لمن انتقلت إليه فأسألك أن تجعل لكلّ صاحب حقّ فيها عوضاً من فضلك يسدّ عنّي باب عدلك وألحقني فيها بمقام من ألبست خلعاً طاهرة من كلّ حقّ وشبهة باطنة وظاهرة، وأن تكون هذه ثيابي من خلع السعادات الباهرة في الدنيا والآخرة). وكذلك تدعو كلّما تحتاج إليه في مدّة (الغيبة) في استعماله ممّا لا تأمن اختلاط حرامه بحلاله.

*لا تكن من المستخفّين
واعلم يا ولدي محمَّد أنَّ الله جلَّ جلاله لو حملنا على عدله ساعة دون ساعة من ليل أو نهار ما أبقانا أبداً. وكان أمرنا قد آل إلى الهلاك والدمار، لأننا لا نوفيه حقّه أبداً في اطّلاعه علينا وحضورنا بين يديه بمقدار التفاوت بين عظمته وجلالته، وبين ما نعمله من اطّلاع غيره علينا أو حضورنا بين يدَيّ غيره من مماليكه الفقراء إليه، ولا نبذل الجهد في زيادة تعظيمه عليهم وربما اشتغلنا بهم عنه، وجعلنا ظهر لسان حالنا إليه ووجَّهنا إليهم، فلو سلبنا نفوسنا وكلّ ما أحسن به إلينا، وقطع خبزنا وكسوتنا، وحبسنا في مطمورة الغضب علينا، كنّا، واللهِ، لذلك مستحقّين. فكيف حملنا قوتنا التي هي منه وعقولنا الموهوبة عنه حتّى صرنا نقدم أن نكون بحرمته مستخفّين، ولمؤاخذته متعرّضين، فإيّاك ثمَّ إيّاك أن تهون بذلك كما يفعله الجاهلون به والغافلون، ولا تتأسَّ بهم، فإنّه جلَّ جلاله يقول: ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (الزخرف: 39).


(*) كشف المحجّة لثمرة المهجة، السيّد رضيّ الدين ابن طاووس.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع