تحقيق: غدير مطر
بعيونكم..
جائعة، تأكل عناوين الكتب المرتّبة أمام ناظريها على "الرفوف" بنهمٍ، تتلفّت يميناً
ويساراً، باحثةً عن "طبقها المفضّل"، تلعب عيناها بين الصفحات بمهارةٍ، لتختار ما
تهواه من إصدارات جمعية المعارف الإسلامية. وأخيراً، وجدت آسيا (22 عاماً) ضالّتها
بين سلسلة "سادة القافلة"، فحطّت الرحال بين قصصها المشوّقة، ونسيت كل ما
يعمّ "معرض بيروت العربيّ الدوليّ للكتاب 58" من ضجيج الزائرين... حملت
رواية "تراب كوشك الناعم" وعلامات الرضا ظاهرة على تقاسيم وجهها.
بعد أن وجدت آسيا كتابها المقصود، حملته إلى صديقتيها هبة (23 عاماً، طالبة رياضيات)
وزينب (23 عاماً، طالبة في كلية التربية)، تكلّمهما عنه، وعمّا وجدته بين الإصدارات،
فهَمَمْن بالبحث بين الكتب من جديد.
خضعت الصديقات الثلاث لدورات ثقافية، درسن خلالها في كتب جمعية المعارف الإسلاميّة.
هنّ يعرفن ما تحمله هذه الكتب من معلومات "مقدَّمة بلغة سلسة سهلة"، ولا تخفى عنهنّ
"واقعية الروايات والقصص، فالقارئ يعيش مع الشخصيّات، لا يقوى على هزيمة دموعه
عند اللّزوم".
في حديث لمديرة معهد السيدة حكيمة عليها السلام في الهرمل الحاجّة وفاء مطر مع مجلة
بقيّة الله، تشير إلى: "اعتماد المعهد على تدريس الكتب المتنوّعة الصادرة عن جمعية
المعارف، من كتب في العقيدة والأخلاق والفقه، إضافة إلى كتب السيرة والولاية وغيرها"،
مؤكّدة على "أهمية هذه الكتب التي تقدّم الفكرة للطالب بشكل سهل وواضح"،
وتضيف: "كتب الجمعية ممنهجة ومقسّمة بطريقة سهلة جداً، تساعد المدرّس والطالب
معاً، إذ إنّها كتب مقسّمة إلى دروس ومعدّة للتدريس في المعاهد".
"لجمعية المعارف الإسلامية دور كبير في التثقيف الدينيّ، بلغةِ كتبها السهلة
المحاكية لكلّ الأعمار والمستويات" تقول حنان (21 عاماً، طالبة في كلية إدارة
الأعمال)، لتشاركها الرأي هاوية الروايات الصادرة عن الجمعية فاطمة (20 عاماً،
طالبة في معهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الجامعيّ)، "المسترسلة" في
الحديث عن رواية "القدم التي بقيت هناك" الصادرة عن جمعية المعارف مؤخّراً، فقد
عاشت فاطمة مع بطل الرواية "لمدّة يومين، تقرأ ما بين السطور وتتوقّع النهاية قبل
الوصول إليها".
*جمعية المعارف في سطور
يرى المدير الإداري في جمعية المعارف الإسلاميّة الدكتور مصطفى الزين أنّ "جمعية
المعارف" تسعى إلى نشر الثقافة الأصيلة، وحماية المنجزات الدينية، وتقديمها بلغة
تتناسب مع متطلّبات العصر الحالية.
ويلفت د. الزين إلى بداية الجمعية المتمثّلة "بمحاولات شديدة وقوية، وإن كانت
متواضعة في أوّل ظهورها، كانت نتيجة جهود كبيرة رائدة، لسماحة السيّد عبّاس الموسوي
قدس سره، وسماحة السيّد حسن نصر الله (حفظه الله)"، مضيفاً: "هي محاولة
القيام بالأُمّة، ومحاولة تأمين كلّ حاجاتها الثقافيّة، وتغطية كامل حاجات المجتمع
اللبناني، ليس بالضرورة حاجات الطائفة الشيعيّة فقط، بل محاولة تغطية كلّ الجانب
الثقافي في لبنان"، مؤكّداً بكلمتين: "نحن أُمَّة وسط".
*ثقافة صنعت انتصاراً
يروي د. الزين ذكرى جميلة حصلت معهم، خلال مشاركة الجمعية في أحد المعارض، حيث "أتى
بعض الإخوة يسألون بلهفة عن الثقافة التي صنعت الانتصار وكيفيّة عرض تلك الثقافة،
مؤكّدين لنا أن هذه الإصدارات كان لها أثر معنويّ مباشر في صناعة رجال الله.. وفي
مكان آخر يقول بعضهم: إنّ هذه المضامين ربما نجدها في كتب ووسائل عديدة لدى الآخرين،
ولكننا عندما نقرأها ونشاهدها عبركم، تطمئنّ قلوبنا للأخذ بها، لما تتمتّع به
الجمعية من مصداقية والتزام صادق بالولاية".
*سياسات إصدارات الجمعية
يُلخّص د. الزين أهمّ سياسات الجمعية بكلّ فعاليتها الثقافية في نقاط عديدة:
أوّلاً: التزام الخطاب المتوازن الذي لا يستفزّ الآخرين، بشرط الحفاظ على
الأصالة.
ثانياً: الحداثة النسبية في تقديم الأفكار، مع الابتعاد عن الأمور الخلافية.
ثالثاً: محاولة الاهتمام وإثارة الأمور التي تُعنى بالمجتمع المسلم، والنهوض
به.
*ميزات الجمعية
ويتحدّث د. الزين عن ميزات الجمعية المختصرة بـ:
1- تقديم المطالب بأساليب متعدّدة: الدورات الثقافية، الكتب، المجلات، الورش
والأقراص المدمجة.
2- مواكبة العصر من خلال مواقعها على الإنترنت.
3- الاهتمام بالكتاب، على الرغم من تراجع الاهتمام به منذ عقود، للأسف.
4- الاهتمام بالمبلّغين (الحوزة العلمية) من خلال تقديم البرامج المساعدة لهم.
*إنجازات الجمعية
يؤكّد د. الزين أن أهمّ إنجازات جمعية المعارف الإسلامية، على مستوى التسويق
والترويج لإصداراتها، "هو المشاركة الفعّالة في المعارض الدولية للكتاب سواء في
لبنان أو العالم العربيّ والإسلاميّ بشكل مباشر، على سبيل المثال: المشاركة
السنويّة المستمرة منذ أعوام طويلة في معرض طهران الدوليّ للكتاب، وبحمد الله في كلّ
عام نحصد التنويهات والجوائز تقديراً من القيّمين على المعرض، وهذا العام نالت
الجمعية الجائزة الأولى في معرض طهران، وتسلّمت درعاً تقديرياً ورسالة تنويه".
ويعدّد أيضاً مشاركات الجمعية في "معرض كربلاء الدوليّ للكتاب، ومعرض النجف
الأشرف في كلّ عام بعد التحرير، وأيضاً بحمد الله نالت الجمعية تنويهات مهمة
لمشاركتها". ولا ينسى مشاركتهم الفعالة في معرض بيروت العربيّ والدوليّ للكتاب،
و"معارض في الدول الإسلامية، كمعرض الكتاب ومعرض الديجيتال..".
يضيف د. الزين: "استدعت مشاركة الجمعيّة في المعارض، وإقبال الناس، إقامتنا معارض
دائمة كالتي في طهران (قم)، وفي العراق، ومعارض دائمة محلِّيّة في بيروت والبقاع (بعلبك)
والجنوب، نضع فيها كلّ إصداراتنا، للوصول إلى أكبر عدد من الناس".
تعدّد أمينة المكتبة في جمعية المعارف الإسلامية في بيروت - المعمورة إصدارات
الجمعية ومنها: "كتب دورات، كتب ثقافية، كتب عن الصلاة، سلسلة الشهيد مطهّري،
الأربعون حديثاً، سلسلة الإمام الخميني... بالإضافة إلى أقراص مدمجة.."، مشيرة إلى
أنّ "سلسلة سادة القافلة هي الأكثر طلباً".
يقول د. الزين: "تحتوي مكتبة جمعية المعارف الإسلامية على حوالي 55 إصدارَ كتابٍ،
وما يقارب 500 قرص مدمج".
*نجاح الجمعية
يُعيد د. الزين نجاح جمعية المعارف الإسلامية إلى أسبابٍ أساسية منها:
1- تقديمها المدّ الثقافيّ: لدى الجمعية تدرّج مناسب يحاول تغطية كامل المساحات
بكلّ تدرّجاتها.
2- ليس لدى الجمعية مستوى واحد تبقى عليه، بل تغطّي كافة المستويات.
3- محاولة تحديث المستويات (مبتدئ، ناشئ..) حتى تصل إلى الدورات الثقافية المتقدّمة.
ولا يغفل د. الزين عن ردّ النجاحات إلى الناس، الذين، بنظره، "أصبحوا أمامنا،
نواكبهم لا نأخذهم وراءنا". ولا يغفل د. الزين عن ذكر عدّة أسباب مهمة كانت وراء
نيل الجمعية الجوائز والتنويهات، ألا وهي:
1- محاكاة إصدارات الجمعية، بشكل عمليّ وعميق، حاجات المسلم الرساليّ.
2- التنوع الكبير الذي يحاول تغطية كلّ الاحتياجات الثقافية والتربوية.
ويؤكد د. الزين على أنّ "هذه الإصدارات ليست إلّا باكورة وخلاصة إنتاجات
المؤسسات التابعة لجمعية المعارف الإسلامية، كمركز نور للتأليف والترجمة، ومعهد
سيّد الشهداء للمنبر الحسيني، والباقر لتنمية المبلّغين، والمركز الرقميّ لتطوير
الأساليب، وباقي المؤسسات".
وأخيراً، والسبب الأسمى الكامن وراء النجاح، يقول د. الزين: "إنّ خدمة المجاهدين
هي من عناصر القوة والتسديد، حيث نجد أنّ أحد المخاطبين الأساسيين هو المجاهدون،
وبلا شك أنّ خدمتهم على المستوى الثقافيّ والديني لها بركات وتدخل السرور إلى قلب
مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف".