ديما جمعة فواز
السلام عليكم، اسمي سهى، عمري 23 عاماً، خرّيجة كلية الآداب، ولا زلت في طور البحث
عن وظيفة. قد تتعجبّون من مشكلتي وتعتقدون بتفاهتها، ولكنّي للأسف أعاني من تبعاتها
في كلّ مواقف حياتي. مشكلتي، أنّني لا أستطيع البكاء، ولست عاطفيّة كما صديقاتي
وشقيقاتي. أنا الوسطى بين خمس فتيات في المنزل. وفي الوقت الذي تنهمر دموع شقيقاتي
كلّما سافر والدي وعاد سالماً، أو عند أيّ موقف مؤثّر لوفاة قريبٍ أو مشكلةٍ
عائليّة، لا أذرف دمعة، بل أبقى محملقة في وجوههنّ، ومهما شعرت بالألم والضيق لا
قدرة لي حتّى على التباكي!
شقيقتي الصغرى تنهمر دموعها عند أيّ مشادّة بيني وبينها، بينما ينزعج الجميع من
ملامحي الجامدة، فيعتقدون أنني لا أشعر، ويتفوّهون بكلام قاس عن "قلّة إحساسي وقسوة
ملامحي"، وهم لا يدركون أنّني مع كلّ نبضة من قلبي أنزف دموعاً..
أُمّي تردّد أنّني لا أشعر بآلام الآخرين، بينما صديقاتي يعتبرن أنّ قلبي من حجر...
حتّى يوم تخرّجنا، كانت دموع الحزن على الفراق تنهمر من عيونهنّ، وأنا رغم تأثّري
الشديد... لم أبكِ!
وقد بدأتُ ألاحظ هذه المشكلة منذ بضعة أعوام رغم تأكيد شقيقاتي الدائم أنهنّ لم
يرينني يوماً باكية. على كلّ حال، أتمنى أن تنظروا بجدِّيَّة لمشكلتي وتقدِّموا لي
الحلّ المناسب.
الحل
صديقتي سهى، بالطبع لن نستهين بمشكلتك، ونشكر ثقتك، ونؤكّد لك أنّنا نستطيع أن
نتفهّم الألم الذي تشعرين به. فالبكاء نعمة من الله سبحانه وتعالى، كما أنّه وسيلة
مهمة لتنفيس الأحزان. وبحسب العديد من الدراسات الحديثة، هناك العشرات من الفوائد
التي تنعكس إيجاباً على أجسادنا ونفسيّاتنا عند البكاء. كما أنّنا، وللأسف، نعيش في
مجتمع يعتمد على الأدلّة العمليّة للحكم على مشاعر الناس، فنحن لا نصدّق أنّ الآخر
يتألَّم إلّا إذا أجهش باكياً، وفي حال أُغمي عليه لشدّة الحزن ازددنا يقيناً
بشفافيّته!
على كلّ حال، أودّ في البداية أن أؤكّد على عدد من النقاط
وأتمنّى أن لا تغيب عن بالك:
1- من المهمّ أن تراجعي طبيب عيون، كخطوة أولى لتتأكّدي من عدم إصابتك بجفاف في
العين، خاصّة إن كنت تشعرين بحرقة فيها، وعلاجها بسيط وسهل.
2- بعد التأكّد أن لا مشكلة عضويّة ينبغي علاجها، عليك أن تعيدي تقييم نفسك بمعزل
عن آراء مَنْ حولك، ولا تقارني شخصك بمن سواك، أنت فتاة تجيدين التعبير عن نفسك
وحسّاسة، ووحدك يا سهى من يستطيع أن يفهم كمية الانفعالات التي تشعرين بها ولست
مضطرّة أن تؤكّديها للآخرين.
3- انظري إلى مشكلتك على أنّها نعمة حقيقيّة، فأحياناً كثيرة تخذلنا انفعالاتنا،
وتسبّب لنا الدموع مواقف محرجة.
4- في حال شعرت بالاختناق والرغبة في البكاء، ترجمي حزنك بالكتابة أو الرياضة.
فالمهمّ أن تعبّري عندما تشعرين بضيق وبطريقة معيّنة.
5- لا تكوني قاسيةً على نفسك، وأكثري من الاستغفار فإنّه حصن عظيم.
6- ونصيحة أخيرة، فقط حين تقرئين الدعاء، أو تقفين بين يديّ الله عزَّ وجلَّ في
صلاة خاشعة، من المستحبّ أن تتباكي، أمّا في غير هذه الحالة فلا تضغطي على نفسك
بغية إرضاء الآخرين.