مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مجتمع: جمعية الإمداد: وسيط خير في شهر الخير

تحقيق: زهراء عودي شكر

بعد أن كان العمل الخيري في السابق جهداً فرديّاً عشوائيّاً يبذله الأفاضل لوجه الله ولنيل الثواب، وبعد أن كانت دائرة هذا العمل محصورةً في الأقارب والسائلين من المارّة، أضحى نشاطاً اجتماعيّاً موسّعاً تجاوز نطاق العائلة الضيّقة ليصل إلى المجتمعات المحليّة وأحياناً الخارجيّة. وهذا ما استدعى الحاجة إلى وجود جمعيات يُناط بها دور التنظيم والتخطيط وتوزيع التبرّعات على العوائل المحتاجة. ومن قلب حاجة المجتمع انبثقت جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية لتورف بظلال عطاءاتها على العوائل المحرومة والمحتاجة، وذلك من خلال مساعدات الأكارم من أهل الخير.

*انطلاقة وأهداف سامية

جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية قافلة خير انطلقت عام 1987 في لبنان، لتحقيق مقاصد إنسانية، وذلك بفضل جهود فرق عمل متكاملة تعمل كخليّة نحل لجمع التبرّعات والمساعدات من أهل الخير، لتوزّع لاحقاً على آلاف الأسر من الفقراء والأيتام والمساكين والأرامل والعجزة والمعوّقين وأبناء السبيل، وذلك ضمن برامج اجتماعية مستديمة ومخطّطات سنويّة تعمل جهدها لتغطية نفقات هذه العوائل من مختلف النواحي الاجتماعيّة والتربويّة والثقافيّة والمعيشيّة والسكنيّة على مدار العام. وشمولية الخدمات التي تقدّمها هي ما يميّزها عن مثيلاتها من الجمعيات الخيرية.

وبما أن صدر الجمعية الرحب يتّسع لآلاف العوائل المحتاجة، كان عليها السعي الدؤوب للحصول على التمويل اللّازم لتغطية كل النفقات الملقاة على عاتقها، فعمدت إلى اتّباع سياسات متنوّعة للحصول على التبرّعات، منها توزيع عشرات الآلاف من صناديق الصدقات على المؤسسات كما المنازل في جميع أنحاء لبنان، والحصول على الحقوق الشرعية، من نذورات وكفّارات، إضافة إلى جمع تبرّعات مباشرة بعناوين مختلفة لمساعدة المحتاجين، إلى جانب كفالة اليتيم الذي يحظى بقسم خاص في الجمعية.

*في الشهر الكريم.. أفرح قلب يتيم ومسكين

تتحضّر جمعية الإمداد الخيرية لشهر رمضان المبارك، ابتداءً من أواسط شهر شعبان، فتستنفر فرقها العاملة وتنطلق في فضاءات الخير لجمع أكبر قدر من التبرّعات لتأمين حاجات العوائل من كافة النواحي ولإدخال السرور إلى قلوبهم في الشهر الكريم.

وتبدأ خطّة شهر رمضان من تأمين الحصص الغذائيّة لجميع المستفيدين من الجمعية، وتُستكمَل بإقامة إفطارات متعدّدة، وفي جمع الحقوق الشرعية وزكاة الفطرة، لتجُمع الأموال التي توزّع صبيحة يوم العيد على الفقراء والمحتاجين والأيتام، لتنتهي بتوزيع كسوة العيد، المقدّمة من المحال التجارية.

*صورة من التكافل الاجتماعي

يمكن إدراك التأثير الكبير الذي تحدثه خدمات جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية، على اختلاف أنواعها وفي شتّى المناطق اللبنانية، بشكل جليّ من خلال انتعاش عوائلها ماديّاً ومعنويّاً وحتى اجتماعيّاً وثقافيّاً، ومن خلال اكتفائها إلى حدٍ كبير. فكثير ممّن شملتهم رعاية الجمعية لم يعودوا يخافون الجوع والألم والعجز، بل باتوا يهنؤون بنوم عميق ويحلمون بغدٍ أفضل مفعمٍ بالأمل.

ومن هذه النماذج؛ فاطمة التي تخرّجت من الجامعة حاملةً إجازة في إدارة الأعمال، وتعمل اليوم في أحد البنوك الكبرى وتحظى باستقلالية مادية بعد أن كانت في رحاب الرعاية الشاملة للجمعية. "الحمد لله الذي سخّر لنا هكذا جمعيات لتساعدنا وتحمينا من العوز".

أمّا عائلة الحاج أبي محمّد فتشكر الله وتنوّه بالجمعية لتأمينها منزلاً لهم وأثاثاً، تقول الزوجة: "كل الامتنان للإمداد ولكلّ من ساهم في وضع حجر في منزلنا. اليوم بتنا ننام مطمئنين بين جدران تقينا حرّ الصيف وبرد الشتاء الذي لطالما ذقناه عدّة أعوام".

وعن خدمات شهر رمضان تقول الحاجة سوسن: "تتكفّل جمعية الإمداد بتلبية احتياجاتنا، خاصة في شهر رمضان حيث تهتمّ بالإفطارات وبعض المصاريف، حتّى كسوة العيد".

*تأخذ بيد وتعطي بالأخرى

"الإمداد وسيط خير، تأخذ بيد وتعطي باليد الأخرى". هكذا لخّص مدير عام الجمعية الحاج محمد برجاوي المهام المنوطة بها، والتي جعلتها تكتسب "ثقة الخيّرين على مدار 29 عاماً من جهة، وتأمين الاكتفاء الذاتي لعوائلها من جهة أخرى. فرغم صعوبة الظروف الاقتصادية والمعيشية التي تمرّ بها البلاد بسبب الأزمات الداخلية فذلك لم يمنع عمل الخير الذي بقي مستمراً في البذل والعطاء، مرسّخاً قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: الخير فيّ وفي أمّتي إلى يوم القيامة".

وعن نشاطات شهر رمضان المبارك يشرح الحاج محمد قائلاً: "ولأنّ مجتمعنا مُحاطٌ بهالة دينية، عملنا على الاستفادة من المناسبات لمصلحة عوائلنا التي تجاوزت الـ9500 بين عائلة يتيم وأخرى تساعد شهريّاً بمختلف المساعدات الصحيّة والغذائية والتعليمية أو ببعضٍ منها".

"وبطبيعة الحال في شهر رمضان يكون العبء أكبر على الأيتام والعائلات الفقيرة وبالتالي التقديمات أكثر"، فزيادةً على تلك التي توزّع عادةً تقوم الجمعية حسبما يقول الحاج برجاوي "بإقامة إفطارات غير محصورة بعوائلها، إنما جزء من المجتمع الأهلي يكون حاضراً فيها من باب التبرّع. إضافةً إلى توزيع الحصص الغذائية الرمضانية في بعض المناطق، وكذلك كسوة العيد وزكاة الفطرة، ناهيك عن المشاركة في الإحياءات الدينية، وخاصّةً ليالي القدر".

*زكاة الفطرة؛ عيد الفقير

وبالنسبة إلى زكاة الفطرة، يقول الحاج محمد إنها "توزّع على الناس بآلية خاصّة. وأمّا كلّ ما يأتي من أموال الكفالات أو التبرّعات أو الحقوق الشرعيّة فيصرف في طريقه الخدماتي الشرعي، فيما تقدّم الموازنة الإدارية للموظفين من خلال المؤسسة الأم في إيران دون المساس بأموال التبرّعات أو الحقوق الشرعية".

ومن على منبرنا يتوجّه الحاج محمد برجاوي بالشكر لكل الأيادي الخيّرة، ويعتبر أن "بإمكان كلّ إنسان المساهمة في عمل الخير من خلال التطوّع أو وضع صندوق صدقة في منزله أو المشاركة بكفالة يتيم ولو حتى بشكل جزئي. كما ويؤكّد أنّ باستطاعة حتّى المستضعفين المساهمة بهذا العمل ربما لعوائل أكثر حرماناً منهم من خلال إنفاق ما أمكن من زكاة الفطرة".

أضيف في: | عدد المشاهدات: