نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع الإمام الخامنئي: الإسلام الكامل غايتنا (*)

إذا نظرنا إلى مجمل المعارف القرآنيّة سنكتشف أنّ الإسلام يريد من المسلمين أن يقيموا النظام الإسلاميّ الكامل، فالإسلام يطالب بالتطبيق الكامل للدين الإسلاميّ.

*الهدف الأساس إقامة الدين

لا يرضى الإسلام بالحدّ الأدنى من التديّن. ولا يوجد في معارفنا شيء اسمه دين "الحد الأدنى". وقد ذمَّ القرآن الكريم في موارد عدّة الأخذ ببعض التعاليم الدينيّة دون بعض، فقد قال تعالى: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ(الحجر: 91)، وقال عزَّ وجلّ عند ذكر المنافقين: ﴿وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ(النساء: 150).

وكذلك أوصى الله تعالى نوحاً وإبراهيم وموسى عليهم السلام ب﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ(الشورى: 13)، وهذا يبيّن أنّ الأهمية هي لإقامة الدين كلّه، ثمّ يكمل تعالى: ﴿وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ(الشورى: 13).

*تغيير السلوك هو تغيير النظام

إنّ ما نسمعه اليوم من المستكبرين والمخالفين للنظام الإسلاميّ وهو ما يُطلقون عليه اسم "تغيير السلوك"، حيث يقولون: نحن لا نريد تغيير النظام الإسلاميّ، وإنّما نريد فقط تغيير السلوك، وهو الأمر نفسه، فلا يوجد أيّ تفاوت بين تغيير السلوك وتغيير النظام.

إنّ تغيير السلوك يعني الرضوخ والتنازل عن الأهداف التي نسعى لتحقيقها؛ وهو نفسه ما يُعبّر عنه أحياناً في بعض المقالات بـ "الحدّ الأدنى من التديّن"، وهو ما يُفقد الدين مضمونه وروحه، ويؤدّي، في حقيقة الأمر، إلى إلغاء الدين.

في ظلّ هذه الظروف، لا بدّ أن يكون هدفنا وسياستنا ومسارنا الحتميّ نحو الإسلام الكامل غير المجزّأ. علينا أن نسعى إلى ذلك قدر المستطاع وبكل ما أوتينا من قوّة - فإنّ الله عزّ وجلّ لا يطلب منّا ما هو خارج قدرتنا - إلى أن يتمّ تطبيق الإسلام في مجتمعنا، على نحو كامل.

*تقديم الإسلام النقيّ

علينا أن نجتهد ونسعى لتقديم الإسلام النقيّ الناصع، الإسلام الذي يواجه الظالم ويدافع عن المظلوم.

علينا أن نقدّم الإسلام الذي يعطي أهميّة بالغة للعقل والفكر، الإسلام الذي يدعو إلى التعقّل ويرفض السطحيّة والتمسّك بالقشور، والذي يأبى للإنسان أن يكون أسير أوهامه وخيالاته، كما يفعل البعض باسم الإسلام. علينا أن نبيّن لهم أنّ الإسلام النقيّ الصافي هو الإسلام الملتزم مقابل الاستهتار واللامبالاة.

* لا لإسلام علمانيّ

نعم، اليوم هناك الكثير من الأجهزة والجهات التي تسعى لأخذ الشباب نحو الاستهتار والإباحية والتحرّر من كلّ قيد في شتّى المجالات. الإسلام العلمانيّ مشابه للمسيحية العلمانية الحبيسة في زاوية في الكنيسة دون أن يكون لها أيّ حضور في واقع الحياة. هناك من يدعو اليوم إلى إسلام ليس له أيّ اهتمام بحياة الناس، إسلام يدعو الناس إلى العبادة في زاوية المسجد أو البيت ليس إلّا. علينا أن نبيّن الإسلام الذي يتدخّل في واقع الحياة، الإسلام الذي يرحم الضعيف، ويجاهد المستكبرين ويواجههم. أعتقد أنّ هذه المسؤولية وهذا الواجب يقع على عاتق الجميع؛ على أجهزتنا الإعلامية، مؤسّساتنا ومراكزنا العلمية، وحوزاتنا العلمية، عليهم جميعاً أن يسعوا في تحقيق هذا الهدف.

* التكليف إقامة الإسلام الكامل

على كلّ حال، إنّ تكليفنا إقامة الإسلام بالكامل، في كلّ ما نقوم به، وفي كلّ المساعي التي نبذلها، سواءٌ القرارات المتخذة في المجال الاقتصاديّ، أم في المجال الثقافيّ. يجب أن يكون الإسلام الكامل غايتنا المنشودة. وعلينا أن لا نقبل ترك بعض الأهداف كمقدمة للنجاح في مسألة ما؛ فنجاحنا وتطوّرنا رهن تمكُّننا من إقامة الإسلام بالكامل.

إذا تحقّق هذا الأمر، عندها سيدركنا العون الإلهيّ. ولا شكّ في أنّ النصر الإلهيّ متوقّفٌ قطعاً ويقيناً على نصرنا لدين الله. ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(محمد: 7)؛ ﴿وَلَیَنصُرَنَّ اللهُ مَن یَنصُرُه(الحج: 40). هذه أمور حتمية ووعود إلهية، يجب أن لا نغفل عنها.

أسأل الله تعالى أن يوفقكم وإيّانا لأداء واجبنا في هذا المجال، ونسأل الله أن يدخل السرور على روح إمامنا الخميني العظيم، وعلى أرواح الشهداء الطيبة، فهم أناروا لنا الطريق، فتحوها لنا ومكّنونا من السير فيها.


(*) من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في لقاء أعضاء مجلس خبراء القيادة تاريخ 12/3/2015.

أضيف في: | عدد المشاهدات: