نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الامتحان الإلهي للبشر

الإمام الخميني قدس سره


* من كلام للإمام الخميني قدس سره بمناسبة أربعين الإمام الحسين عليه السلام
إن الإنسان في هذا العالم معرض للامتحان مهما كان نوعه، سواء من كبار الناس أمثال الأنبياء والأولياء أو كان من مستوى من غير مستواهم إلى أي حد كان فالامتحان ملازم لوجود الناس ولن يعيش في هذا العالم إنسان من دون امتحان، فقد يحصل الامتحان أحياناً بالخوف أو الجوع أو نقص في الأموال والأنفس والثمرات أو غير ذلك، وقد تحققت أكثر هذه الابتلاءات في المناطق المعرضة للحرب، أنه امتحان إلهي لاختبارنا، فأحيانا يكون الآمن معرضاً للاختبار حيث يمتحن الإنسان بالخوف وبانعدام الأمن، ويكون الامتحان أحياناً بالنقص في الثمرات والأنفس فيفقد الإنسان أبناءه، وأحياناً يكون الامتحان بازدياد الثمرات والأموال والسعة في العيش وتوفير الأمن.

فالإنسان واقع تحت الامتحان ولن يفلت منه لمجرد الادعاء بأنه مؤمن، ولقد امتحن الأنبياء العظام، إبراهيم الخليل عليه السلام تعرض للامتحان في تلك القضية المدهشة التي أمر فهي أن يذبح ابنه، وهكذا فقد امتحن الأنبياء الكبار والأولياء العظام.

لقد امتحن سيد الشهداء سلام الله عليه كما امتحن أيضاً أبناؤه وأحفاده، ونحن جميعاً ممتحنون كما ستمتحن البشرية كلها، وان الامتحان بتوفر الأمن والمال والثروة والجاه وأمثال ذلك لأعظم من الامتحان بنقص الأولاد والأنفس، فكم من أشخاص ادعوا أنهم مؤمنون وعند الامتحان تبين أنه كان مجرد ادعاء، وكم من أناس يدعون أنهم عند اندلاع الحرب سيكونون في المقدمة فإذا كان الامتحان سقطوا فيه.

أما أنتم يا أهل دزفول والأهواز وسوسنكرد فقد أديتم الامتحان وخرجتم منه بنجاح.. وهذه الصورة التي أراها أمامي والتي توجب الحزن والأسى أنما هي وثيقة امتحانكم، أنها وثيقة مفخرة لكم والله تبارك وتعالى يقول: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ أي الذين يصبرون على المصائب وعند نقص الثمرات ونقص الأنفس والأولاد، يقولون: ﴿إنا لله وأنا إليه راجعون، وأن شباننا لله وقد ضحوا بأنفسهم ي سبيل الله ورجعوا إلى الله.

كل ما يملكه الإنسان من عند الله، فالحياة قد وهبها الله له، وأن كان له بنون فقد منحه الله إياهم، وإن كانت له ثروة فقد أعطاه الله إياها، وكل شيء من لطفه تبارك وتعالى، فإذا آمن الإنسان بهذا الأمر من أن الأمانة الإلهية عائدة إلى الله وأن الأولاد أمانات من الله، النساء والبنون ودائع من الله والثروة أمانة من الله وكلها راجعة إليه و ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، إذا لما قدمنا الامتحان بنجاح مثلما قدم الأنبياء والأولياء الامتحان فإننا أيضاً سنقتدي بهم.. فإذا ما اطمأنت قلوبنا إلى كل ذلك كنا ممن بشرهم الله تبارك وتعالى حيث يقول:  ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ . أن ذلك الامتحان أيسر مما يمتحن الله به قادة البلاد، فكم من رؤساء الجماهير الموجودين حالياً في العالم ممن يدعون احترام حقوق الإنسان، أنهم قبل الوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية يدعون التحرر وحب الإنسانية والمحافظة على سعادة البشر، فإذا ما وصلوا إلى المنصب حيث يمتحنهم الله تبارك وتعالى به، تجدهم لا يفلحون في الامتحان، فبدلاً من الدفاع عن حقوق الإنسان تراهم يبلغون به إلى الانحطاط، وبدلاً من مساندة الضعفاء يرشدونهم إلى سبل الهلاك، وكما أن الطرف الآخر يبشر بالرحمة والمغفرة والهداية الأبدية فإن هذا الطرف يبشر بالخزي والعذاب الأليم.
كل ما يملكه الإنسان من عند الله، وسوف يرجع إليه كما في الآية الكريمة: ﴿إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾.

الامتحان ضروري لا محالة، ولا يقبل من الشخص مجرد إدعاء بأنه مؤمن بالله أو أنه يطالب بالحرية ويراعي حقوق الإنسان ويدعي بأنه لو وصل إلى رئاسة الجمهورية وإلى تولي الحكم أو إلى رئاسة الوزراء أو إلى رئاسة قبيلة أو إلى رئاسة الوزراء أو إلى رئاسة قبيلة أو عشيرة مثلاً، فسيعامل الناس معاملة حسنة وسيدعو الناس إلى الحرية والرفاهية، أن مجرد الدعوى لن تقبل من صاحبها، نعم لو أعطي المنصب له واستقر في منصبه، عند ذلك يجب دراسة أحواله ليعرف هل هو مثل كارتر أو مثل علي بن أبي طالب عليه السلام؟! هل يعامل المستضعفين والفقراء كما عاملهم علي بن أبي طالب عليه السلام أم أنه يصنع ما صنعه كارتر أو ما صنع ستالين؟ لقد كان يدعي هؤلاء كما يدعي ستالين بأنه يريد أن يعمل للناس ويريد أن يبقي الناس أحراراً متساوين، ولكنه عندما وصل إلى الرئاسة قام بإبادة الناس وإعدامهم أفواجاً أفواجاً، أنه يريد الحرية والرفاهية للبشر وأنه محب للإنسان، ولكنهم عندما وصلوا إلى المناصب نراهم كيف كانوا وماذا عملوا مع البشر؟ وصدام أيضاً يدعي أنه يريد أن يعمل كيت وكيت للعرب، ألا انه عند الامتحان قتل العرب بطريقة لم يعمل المغول مثلها، وإذا ما امهل فإنه سيعمل مع العراق وإيران وأي مكان تصل إيه يداه مثلما عمله المغول في إيران.

لا مجال للإدعاء.. فلا يمكن ان تدعي مثلاً بأنك رجل دين وتحب الناس ولكن عندما تصل إلى المنصب لاحظ نفسك، فرئيس الوزراء محمد علي رجائي) عندما كان في السجن وتحت التعذيب كان له هذا الإدعاء في قلبه طبعاً أن تلك الحكومة (حكومة الشاه) حكومة سيئة، وإذا وصلت الرئاسة إليّ فسأعمل ما اعمل ـ إن كان ذلك في مخيلته ـ ولكنه اليوم معرض للإمتحان.

جميع الرؤساء اليوم من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس المجلس ورؤساء المحاكم والمحافظين والمتصرفين، كلهم معرضون للامتحان، وهذا الاختبار أهم من الاختبار في الأنفس والأولاد. أن امتحان الناس في الوصول إلى منصة الرئاسة أو إلى أي منصب كان أصعب من الامتحان في النفس والأولاد، ومن الصعب جداً أن ينجو الإنسان من هذا الامتحان ويفوز فيه وفي أعماله وأن يكون مكرماً في محضر الخالق.

الرؤساء وفي أي مكان كانوا وفي أي بلد كانوا والمسؤولون في أي مكان وفي أي بلد يجب أن يعلموا أن وصولهم إلى هذا المنصب امتحان إلهي وأنه ابتلاء شاق، فينتبهوا لأنفسهم وليلاحظوا أحوالهم وما هي مقدار التفاوت الذي حصل لهم قبل وبعد الوصول إلى هذه المرتبة، أنهم كانوا يعترضون قبل بلوغهم هذه المناصب على رؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزراء وأعضاء المجلس والمحافظين وأعضاء المحاكم الذين كانوا في السابق... كانوا يعترضون عليهم ويستقبحون أعمالهم واليوم قد وصلوا أنفسهم إلى هذه الدرجات، هل يتبعون نفس المخطط لتستقبحكم الأجيال القادمة أم لا؟.

عندما يصلون إلى المنصب يجب أن تكون أعمالهم مثلما يعتقد الناس عن أمير المؤمنين طوال ألف وأربعمئة عام، والذي عندما وصل إلى الرئاسة ـ حسب تعبيركم أنتم ـ كانت كل إيران والعراق ومصر وأماكن أخرى تحت سلطته، وكانت معاملته مع الناس بحيث لا يستطيع أحد أن يكون مثله، عندما كان يأتي إلى خطبة الجمعة أحياناً ويصعد المنبر، يحرك حاشية لباسه لأنه كان قد غسل لباسه، ولم يكن لديه لباس آخر.

علينا أن نستيقظ نحن المسؤولون.. والمحافظون... لتستيقظ المحاكم. نحن ندعي التشيع، أنه إدعاء.. نحن ندعي أننا شيعة واتباع لعلي فهل نحن شيعة أيضاً عند الامتحان. هل نتبعه مثل ما هو أو بالمقدار الذي يسع وجودنا له، هل نتعامل مع أصحابنا وأصدقائنا وإخواننا في الدين ومع سائر الناس مثل ما كان هذا الشخص، حيث أن خلخالاً قد أخذ من رجل ذمية ـ يهودية كانت أو نصرانية ـ من قبل الأشرار فيقول: (فلو أن امرءاً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً بل كان به عندي جديراً)، ونحن نقول أيضاً بأننا ندعي التشيع!.
إن الامتحان في نقص الأمن والأموال والأنفس والثمرات أيسر بكثير من امتحان الرئاسة والزعامة
وعلى الرؤساء والمسؤولين أن يستيقظوا ويتخلوا عن المخاصمات. ليشاهدوا هذه المشاهد ويروا هؤلاء الشباب الذين ضحوا بدمائهم في سبيل الإسلام.. ويتأملوا في هؤلاء الشباب الذين رقوهم إلى هذه المناصب ويتركوا المخاصمات ويوقفوا إطلاق النار.

نحن جميعاً في محضر الله وكلنا سنموت وسنحاسب، استيقظ أيها الشعب والحكومة، استيقظوا جميعاً فأنتم في محضر الخالق وستحاسبون غداً، لا تدوسوا على دماء شهدائنا، لا تتنازعوا على المناصب، نحن الذين نلعن صدام أو أننا نقبحه، فيا ويلنا أن كنا مثله، فلندفق قليلاً في أنفسنا ولنمتحن أنفسنا في الخفاء ونر أن نحن وصلنا إلى الناصب فهل نعمل مثل ما يعمله صدام أو شبيهاً له أو أننا نعمل مثل خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

إن إدارة أمور البلاد في مجتمع ما أكبر امتحان من الله تبارك وتعالى للبشر، إدارة الحكومة إن كان يصدق عليها اسم الحكومة في مثل هذا المجتمع الذي لا يزال يضحي بدمه في سبيل الإسلام والوطن الإسلامي، من الأعمال الشاقة جداً ومن الامتحانات العسيرة جداً.

أيها الرؤساء... أنتم واقعون في معرض الامتحان، وأن أعمالكم تحت نظر الله تعالى فانتبهوا إلى هذا الشعب الذي يتعاون معكم أيما تعاون..

أيها الحرس... أيها الجيش... أيها الدرك... ويا سائر القوات المسلحة العسكرية وغير العسكرية، وأيها الرؤساء في كل مكان وفي أي قبيلة كنتم، وأيها المحافظون في أنحاء البلاد، أنتم في معرض الامتحان، فإياكم أن تستفيدوا من هذه الدماء لتحصلوا على منصب ما لا سمح الله، إن كنتم تحبون أن تعلَوا مناصبكم على حساب دماء الآخرين لا سمح الله أن كان مثل هذا الحيوان في باطنكم فلا تتصوروا أنكم بشر.
الإنسان معرض للامتحان ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتتنون، نحن نظن والناس يظنون أنهم بمجرد أن قالوا: نحن مؤمنون، يتركون ولا يختبرون، بمجرد أن تقولوا نحن نحب الحرية تتركون، لا، بل تجعلون على مساند الحكم ليرى الله هل أنتم صادقون أم لا؟ هل تنجون من الامتحان بمجرد أن تقولوا نحن خدام الشعب وخدام الوطن، لا، بل تمتحنون وأنتم اليوم في حالة الامتحان، الجميع معرضون للامتحان بدءاً مني أنا الطالب وإلى جميع أفراد الشعب وجميع أفراد البشر وجميع الأنبياء والأولياء ولا يمكن أن نترك بالادعاء أو بالكلام.
وليعلم جميع من في هذا البلد وجميع المسؤولين والتجار والفلاحين والموظفين في المصانع والمعامل والزمر الفاسدة، ليعلموا أن الجميع معرضون للامتحان في محضر الله تعالى.

من السهل جداً أن يدعى الإنسان أنه كيت وكيت ولكنه سوف يمتحن في ما يقول، ذلك الشخص الذي يقول: أنا محب للبشر سوف يمتحن في قوله، ذلك الشخص الذي يقول: أنا مدافع عن حقوق البشر فإنه سيمتحن في قوله.
لاحظوا إذا كانت نفسياتكم قبل الوصول إلى المنصب الذي أنتم فيه لا تختلف عما بعده، والرئاسة ليست ثقيلة عليكم فأنتم شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام وقد خرجتم من الامتحان مرفوعي الرأس.

إنني أخجل من نفسي عندما أراكم قادمين من خوزستان وخرم آباد والجنوب والغرب وكم من مصائب وردت عليكم، وكم من شبانكم قد استشهدوا، وكم من بيت لكم قد تهدم، ولكن عندما تأتون إلى هنا تلاحظون الأوضاع في صورة أخرى، أنهم يتنازعون على دمائكم.

أيتها الأيدي التي تحمل الأقلام وتكتب في الصحف، ويا من تخطبون وتتحدثون في الراديو والتلفزيون وفي أماكن أخرى، كلكم معرضون لامتحان الله، عندما تمسكون الأقلام بأيديكم اعلموا أنكم في محضر الله، عندما تريدون أن تتحدثوا اعلموا أن ألسنتكم وقلوبكم وعيونكم وآذانكم في محضر الله، فلا تتنازعوا في محضر الله على الأمور الباطلة الفانية.
اعملوا لله، تقدموا لأجل الله، فإذا تقدم شعبنا لله ولإرضاء الرسول الكريم فإنه يحصل على جميع أهدافه.

أتمنى أن نخرج نحن وأنتم مشرّفين مرفوعي الرؤوس من هذه الامتحانات الكبيرة، اسأل الله تعالى أن يعز جميع أفراد شعبنا، اسأل الله أن تتصل ثورتنا بثورة إمام العصر سلام الله عليه، اللهم اهد أعداءنا...

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع