إذا كانت العبودية هي الطريق الوحيد الموصل إلى الكمال، فكيف نفسر وجود أشخاص مخالفين يتمتعون بمواصفات ومؤهلات كمالية خارقة للعادة؟
تعتبر هذه الشبهة من أكثر الشبهات العلمية والعملية التي أ ضلت أمماً وشعوباً بأكملها عبر التاريخ الممتد للبشرية. ففي كل عصر ومصر كان بعض الأشخاص يظهرون ويبرزون الخوارق فيستلبون عقول الناس بادعاء زعامة أو بدعوة إلى أخرى.
لقد كان السحرة أحد أركان حكومة فرعون، وفي قصة هاروت وماروت إشارة إلى هذه القضية حيث كانت مجموعة من السحرة يتعاملون مع الجن الشياطين ويقومون بما لا يستطيع عامة الناس. ومن خلال ذلك يأمرونهم بالكفر والعصيان. قال الله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ (البقرة: 103).
حتى أن كتب الأناجيل الموجودة تنسب إلى النبي عيسى عليه السلام قوله:
"فسيظهر مسحاء دجالون وأنبياء كذابون يأتون بآيات عظيمة وأعاجيب حتى أنهم يضلون المختارين أنفسهم لو أمكن الأمر" (انجيل متى- الفصل 24).
فظهور أناس يمتلكون القدرات الخارقة أمر ثابت وواضح. وفي أيامنا هذه يوجد عشرات الأشخاص الذين يستطيعون القيام بأمور يعجز عنها سائر الناس من التحليق في الهواء والمشي على الجمر وقراءة الأفكار ومعرفة ما يضمر الإنسان وغيرها بحيث يظن الجاهل المسكين أن هذه الأمور علامة على حقانية المسلك الذي يسلكه صاحبها فيتبعه في كل شيء.
وقبل مدة جاء أحد رجال الدين المسيحيين إلى لبنان ويدعى الأب تارديف وأقام مهرجاناً كبيراً لشفاء المرضى واستطاع أن يشفي البعض ممن عجز الطب العادي عن معالجتهم. وهنا قد يتوهم الجاهلون الذين لا حظّ لعقولهم في الحياة والمنطق إن هذا الأمر الخارق دليل على حقانية التثليث وألوهية عيسى عليه السلام التي لا يمكن أن يقبلها العقل السليم بأي وجه، فضلاً عن أن يتصورها.
ومن حين إلى آخر نسمع عن اكتشاف تماثيل ترشح زيتاً أو دماً وتكون هذه التماثيل تصويراً لأحد الكهنة أو رجال الدين السابقين.
فالمشكلة إذن تتعلق بالعلاقة بين العبودية والخوارق، وبتعبير آخر: إذا كنا ندعي أن الوصول إلى الكمال لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال السير في صراط العبودية الحقة فكيف نفسر تلك الظواهر العجيبة.
العبودية لا يمكن أن تتحقق إلا باتباع نهج الإسلام في كامل تفاصيله وأدق جزئياته، فهل يمكن للمخالف- مهما كان- أن يصل إلى الكمال؟!
* أولاً: ما هي الخوارق؟
وقبل أي شيء ينبغي أن نتعرف على الخوارق المذكورة لتحليلها والوصول إلى قاعدة ثابتة نحاكم من خلالها، فبعض الناس عندما يسمعون عنها يسارعون إلى إنكارها دون فحص أو بحث، فإذا حدثت أمامهم تتلعثم الألسن وترتجف الأيدي وتعرق الجباه!
فالمقصود من الخوارق تلك الأفعال التي تصدر من بعض الأشخاص المميزين، والتي تكون خارجة وبعيدة عن عادة الناس وقدراتهم الطبيعية، كالمشي على الماء وطي الأرض ومعرفة ما في الأذهان والضمائر، وكشف الحوادث المستقبلية، والارتفاع في الهواء وغيرها و...
ومن الواضح أن هذه لا تحدث بشكل طبيعي، بل هي خارج نطاق القوانين الطبيعية المألوفة. وحتى الآن لم تستطع العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء أن تكتشف أسبابها، ولذلك بقيت في نطاق ضيق منحصر بمجموعة من الأشخاص الذين يقضون وقتاً طويلاً في تعلمها وممارستها.
ويوجد فارق أساسي بين هذه الخوارق ومعجزات الأنبياء وهو أن هذه الخوارق يمكن أن تنتقل من شخص إلى آخر بالتعلم والتعليم والرياضة والمجاهدة، بينما تتصف معاجز الأنبياء ببعدها الإطلاقي وشموليتها للمسائل التكوينية، بالإضافة إلى أنها لا تنتقل بالاكتساب والعلم الحصولي.
وإذا رجعنا إلى الشبهة المطروحة، نجد أن من اشتبه عليهم الأمر ظنوا أن الإسلام الذي يطرح صراط العبودية الحقة كمنهاج قويم للوصول إلى السعادة إنما يريد للناس أن يصلوا إلى أية سعادة ممكنة، وبالتالي فإن وصول الإنسان إلى كمالٍ ما يعدّ بحد ذاته بلوغ الغاية التي يريدها الإسلام لاتباعه.
ولكن الحق أن هؤلاء قد ضلوا كثيراً عندما لم يعرفوا أن السعادة النهائية التي تتمثل بوصول الإنسان إلى غايته إنما هي الكمال المطلق اللامتناهي الذي هو الله رب العالمين. (راجع العدد 51). ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد﴾ُ
وشتان ما بين الكمال المطلق اللامحدود وهذه الكمالات المحدودة الزائلة، وهل يدرك شيئاً من أضاع الله:
"إلهي ماذا وجد من فقدك" (الإمام الحسين عليه السلام).
فإذا أردنا أن نقتلع الشبهة من جذورها فإن الحل يكون هنا: بفهم الغاية الحقيقية التي أرادها الله لنا، وتمييزها عن جميع الغايات المحدودة.
فإذا كنا نريد أن نستدل على حقانية مسلكٍ ما من خلال وصول أتباعه، فذلك إنما يكون بملاحظة الأولياء الكمل الذين بلغو ا أعلى مراتب الكمال ووصلوا إلى حقيقة الولاية التكوينية فصار الحق سبحانه وتعالى سمعهم وأبصارهم وأيديهم وألسنتهم. (حديث قرب النوافل).
ولكن بما أن معرفة هؤلاء لا يمكن أن تتم من خلال المشاهدة المباشرة لأمثالنا، فلذلك نرجع إلى النص الصريح والعقل القويم لمعرفة المسلك الصحيح والصراط المستقيم.
ولهذا ترى الأنبياء (عليهم السلام)، ورغم إظهارهم للمعجزات الكثيرة يرجعون مرة أخرى إلى العقل والمنطق لهداية الناس، ولم تكن معاجزهم إلا لإلفات الناس إلى سفارتهم الإلهية لكي يفكروا قليلاً لعلهم يهتدون، لأن الهداية لا يمكن أن تتحقق إلا بالوعي التام والادراك المباشر.
ولم يكن هدف الأنبياء (عليهم السلام) استلاب عقول الناس كما يفعل السحرة:
﴿قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيم﴾ٍ (الأعراف: 116).
يقول أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله تعالى:
﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى﴾ (طه: 67).
"لم يوجس موسى خيفة على نفسه، وإنما أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال" (نهج البلاغة، ص207).
يقول الإمام الخميني قدس سره في "مصباح الهداية":
"نور: ومن ذلك المقام، إباء الأنبياء المرسلين والأولياء الراشدين صلوات الله عليهم أجمعين عن اظهار المعجزات والكرامات التي أصولها اظهار الربوبية والقدرة والسلطنة والولاية في العوالم العالية والسافلة إلا في موارد اقتضت المصلحة لإظهارها، وفيها أيضاً، كانوا يصلّون ويتوجهون إلى رب الأرباب بإظهار الذلة والمسكنة والعبودية ورفض الأنانية وإيكال الأمر إلى بارئه واستدعاء الاظهار عن جاعله ومنشأ على قدرته، مع أنه تلك الربوبية الظاهرة بأيديهم عليهم السلام، هي ربوبية الحق جل وعلا إلا أنهم عن اظهارها بأيديهم أيضاً يأبون" (مصباح الهداية ص92).
فها هنا إذاً طريقان تظهر من خلالهما الخوارق التي هي دون معاجز الأنبياء ودرجات الكمل من الأولياء، أحدهما صحيح ملكوتي والآخر شرير شيطاني.فكل من يسلك طريق العبودية ينال من حظوظ الكمال المطلق في سيره التكاملي، ويفيض الله تعالى عليه بالفيض الرحيمي من أشكال الكرامات التي لا تتيسر لغيره، فلربما أشرق في قلبه نور يُظهر له ما يخفى على الناس، أو قد تطوى له الأرض فيعبر بذلك البلدان في لحظات قليلة، وقد يطّلع على ضمائر الناس وتُكشف له سرائرهم، وقد ورد في الروايات الشريفة: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر (يرى) بنور الله".
ويقول الفيض الكاشاني قدس سره: "ما من ولي إلا وله كرامة".
ولكن أهل الله من السالكين والعارفين يحذّرون من هذه المقامات ويسمونها مقامات الاستغراق والهلاك الأعظم، لأن صاحبها قد يقع في الكفر الأعظم عندما ينظر إلى نفسه فيراها متفوقة على الآخرين، ويعجب بها إعجاباً شديداً يؤدي إلى فقدان عقله وزوال بصيرته: "إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله". وقد سمعنا عن أحد رجال الدين في جبل عامل الذي كان يواظب لفترة على العبادات والرياضات بقوة، وانتهى به الأمر إلى ادعاء النبوة والرسالة:
فمثله كمثل الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها، فصار مثلهما كمثل الكلب أن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث:
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الأعراف: 175- 176).
والطريق الآخر الذي قد يصل من يسلكه إلى بعض الخوارق إما أن يكون استخداماً لقوانين ما فوق الطبيعة، وإما أن يكون من خلال الاتصال بالجن والشياطين. يقول الإمام الخميني قدس سره:
"وأما أصحاب الطلسمات والنيربخات وأرباب السحر والشعوذة والرياضات- التي أصولها الاتصال بعالم الجن والشياطين والكفرة، وهو الملكوت السفلي الذي هو الظل الظلماني لعالم الملك مقابل الظل النوراني الذي هو الملكوت العليا عالم الملائكة- تراهم لا زالوا في مقام اظهار سلطنتهم وإبراز تصرفهم لفرط العشق بأنانيتهم وزيادة الشوق لحيثية نفوسهم، فهم عباد أصنام النفس وتابعي الجبت والطاغوت، غافلون عن رب العالمين، وأن جهنم لمحيطة بالكافرين" (مصباح الهداية/ ص92).
إن معظم الخوارق التي يتقنها بعض المرتاضين تعود بالدرجة الأساسية إلى استخدام قوانين ما وراء الطبيعة، وذلك عبر السيطرة على القوى النفسانية التي هي من شؤون ذلك العالم الماورائي، ولكن لصعوبة هذا النوع من الرياضات النفسية المجهدة وما تتطلبه من الصبر الشديد والفترة التمرينية الطويلة لا يقوم بها إلا القلة القليلة من الناس، وعلى أثر هذا التفوق ينجذب الناس إليهم، وخصوصاً إذا كانوا أصحاب دعوة أو مدرسة فكرية أو مذهبية.
وبعبارة أخرى، إن حقيقة الإنسان هي أيضاً شاملة لما فوق الطبيعة الجسمانية، ولكن أكثر الناس لانشغالهم عنها وركونهم إلى الدنيا الدنية والشهوات الفانية يصلون إلى مرحلة لا يرون معها وجوداً لغير المادة والمحسوسات.
أما إذا أدركوا هذه الحقيقة ورجعوا إلى أنفسهم لوجدوا أن فيهم قوى عظيمة تفوق قوى الجسم، وربما حصل للبعض منا أن لاحظ هذا الأمر في ظروف معينة (كالخوف الشديد أو الغضب الهائل) فأظهر من القوة والبأس ما يفوق بدرجاتٍ قوته الجسمية.
وهذا طريق ينكره الشرع الأنور ويحذر اتباعه، لأنه يمثل حالة الرجوع إلى النفس وعبادتها والاغترار بها، وهو تنكب عن الصراط المستقيم الذي هو صراط العبودية لله رب العالمين.
وقد يسلك البعض مسلكاً للحصول على خوارق العادات وذلك عبر الاتصال بالأرواح وبعض الجن والشياطين، وربما يكون الجن عالماً بما سيحدث في المستقبل القريب أو مطلعاً على أمور تخفى على الإنسان فيخبر صاحبه الأنسي بها، وتكون النتيجة أن يظهر هذا الانسي عالماً بالغيب حاصلاً على خوارق عديدة تسحر الأعين وتذهل القلوب.
إن كل إنسان يتمتع بجملة من المواهب التي قد تبعث في نفسه حالة الطغيان والغرور إذا اعتبر أن هذه المواهب من نفسه وبعلمه، وفي كثير من الأحيان قد لا يدّعي في الظاهر وأمام الناس شيئاً لأنهم يتمتعون بمثل مواهبه، فهل يتباهى صاحب العينين على شخص يمتلك هذه النعمة! ولكنه قد يرى نفسه أفضل من الأعمى، وإذا نال شيئاً من كرامة أو درجة العلم والمعرفة سيباهي الآخرين وإذا كان علمه قدرةً فقد يستعبدهم ويسيطر عليهم، كما حكى الله تعالى عن السامري بقوله: ﴿ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ (طه: 96).
فماذا فعل ببني إسرائيل؟
لقد عبّدهم العجل الذي صنعه مستفيداً من بعض معارف وعلوم المرسلين وسولت له نفسه فعل هذا الأمر الشنيع، وهكذا نخلص إلى النتائج التالية:
في عصرنا الحالي إذا ظهر من يمتلك مواهب خارقة للعادة، فإما أن يكون سالكاً إلى الله أو إلى الشيطان، فإن السلوك إلى الله يصاحب بكرامات معنوية وميزات إلهية.
وقد يسلك الإنسان إلى الشيطان عندما يقنع ببعض المميزات ويقول: إنما أوتيته على علم عندي.
فبالرياضة الشاقة والتوجه الدائم إلى القوى النفسانية يسيطر المرتاض على هذه القوى التي تفوق القوة البدنية ويمارس من خلالها بعض الأعمال الخارقة.
وبالاتصال بالجن ينال شيئاً من المعارف الغيبية والتأثيرات الماورائية.
ويبقى المعيار الأوحد لمعرفة صحة سلوك الإنسان هو العبودية لله رب العالمين فاطر السموات والأرضين بارئ الخلائق أجمعين.
قال الإمام الصادق عليه السلام: "إن آية الكذاب أن يحدثك بما في السموات والأرض حتى إذا سألته عن حلال الله وحرامه لم يدر شيئاً".
* غاية الأحكام التشريعية
إن الإسلام بكل تشريعاته يهدف إلى إيصال الإنسان إلى السعادة الواقعية التي تمثل أعلى مستوى من اللذة والتي تسمى بلذة اللذائذ، وأن الإسلام يصف التاركين لنهجه القويم بالأشقياء التعساء، وبئس ما يتصوره البعض من أن الإسلام هو التكليف الشاق المجهد، وأن اتباع تعاليمه هو قتل للنفس ومشتهياتها.. إن ما ورد في التعاليم الإلهية حول هذا الموضوع فهو إشارة إلى قتل النفس الأمارة بالسوء والتي تريد أن تسقط الإنسان في أسفل سافلين، والحث على محاربة اتباع الشهوات في مدرسة الإسلام الحنيف يهدف إلى تحقيق العدالة والتوازن في شخصية الإنسان لكي يبقى الطريق مفتوحاً أمامه لبلوغ أعلى المراتب، ولذلك نجد الإسلام من جهة أخرى يحلل الشراب الطيب والطعام الطيب والزواج وكل أمر طيب، بل وينهي عن الإعراض عن الطيبات ويعتبر ذلك رهبانية مبتدعة.