مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الافتتاحية: الفراغ.. كمين الأبالسة



دائماً تحكم الإنسان المعادلات التي يؤمن بها والقيم التي يحمل، ودائماً يكون هذا الإنسان قلقاً في حياته إذا لم يتبنَّ قضايا ولم يعتقد بمعتقدات تحدد له دستوره في دار الدنيا.
وقبال ذلك لن نجد القلق والفراغ عند ذوي الهمم العالية والنفوس الأبية، لأن المحكوم لتلك المفاهيم لن يتسرب الفراغ إلى قلبه، فالقلب الفارغ هو على استعداد دائم لجولات وصولات الشيطان وهو مرتع لكل نزغاته وجاهز لكل وسوساته وهو أشبه بالكوب إذا لم يملأ من الماء فإن الهواء سيملأ فراغه. ففي الحديث الشريف:
"القلب الفارغ يبحث عن السوء واليد الفارغة تنازع إلى الإثم".

وإن أدل دليل على ما ذكرنا هو ما نشاهده من الأشخاص الذين يعيشون على هامش الحياة ممن تبحث قلوبهم عن السوء وتفتش في تفاصيل الأمور الجزئية والتافهة، وتعمل أيديهم باحثة عن الآثام والعدوان حتى يخالهم الناظر أطفالاً وصغاراً بسبب أفعالهم العدوانية وهم ممن بلغوا من العمر عتياً، ولا نجد تفسيراً لكل ذلك إلا هيمنة الفراغ وانتصاره والانسحاق أمامه، وأعتقد جازماً أننا بهذه الكلمات نفهم السر الذي يجعل هؤلاء يتحركون وتتحرك فيهم الجوارح، إلا أنها الحركة السلوبة لأنواع البركة حتى ترى الفارغ يمد يده إلى ممتلكات الغير ظناً منه أن فراغاً سيملؤه بأفعاله اللامسؤولة. ويتعاظم الخطر أكثر حينما لا ينظر المجتمع إلى أفعاله نظرة ناقمة ومنكرة، وإنما يحيطه بالرضى والاحترام وكلمات التقدير والثناء على ذكائه وحنكته فيصر على عدوانيته وطرقة عمله ويعطّل بذلك إنساناً لم يخلقه الخالق ليدوِّن في أرجاء الدنيا فراغاً قاتلاً، وإنما ليملأها علماً ومعرفة والتزاماً وإخلاصاً.

وتكمن الخطورة في كل ما ذُكر، عندما تنتشر أمثال تلك الحالات في صفوف مجتمعاتنا وبالتالي فلا ترى بعد ذلك إلا البطّالين اللاهين الفارغين، الذين يمكن أن يحوِّلوا هذه الحياة إلى جحيم لا يُطاق، فالدنيا هي كتاب يجب أن تقرأه بإمعانٍ ونظر، وأعمارنا هي بمثابة الأوراق البيضاء التي يجب الاحتفاظ بها لنكتب فيها ما نفخر به، وحيالها لا يجوز لنا ترك الأوراق تبعثرها عواصف الجهل وتخربش على سطورها عشوائية خواء الفارغين، فالله تعالى يكره لعبده أن يكون عالة على المجتمع وفارغاً من أي همّ، ليس له من أمر دنياه إلا اللاشيء، فاللاشيء هذا إذا استحكم والفراغ إذا ما صار سيد الموقف فلا ينبغي أن يُصدم –القارئ- بكل الواقع الذي نشاهد، ومن هذا القبيل البرامج التلفزيونية التي تدّعي أنها لملء فراغ الناس، لكن هل المطلوب أن نسدّ جوعة القلب بأي شيء وكيفما يكون وبغض النظر عن الآثار والنتائج. يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "إن قلبك لا يتسع لكل شيء ففرِّغه للمهم".

فإلى المهم من الأمور وإلى المهمات التي تروي ظمأ الفارغين، وإلى المهام العالية والوظائف الإلهية الكبرى وإلى موعد آخر.. والسلام.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع