مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

نور روح الله: حُبّ النفس أساس العُجْب


اعلم أن رذيلة العُجب تنشأ من حبِّ النفس؛ لأن الإنسان مفطور على حبِّ الذات، فيكون أساس جميع الأخطاء والمعاصي الإنسانية والرذائل الأخلاقية، حب النفس.

*بعين الإنصاف جديرون باللّوم
ولهذا فإن الإنسان يرى أعماله الصغيرة كبيرة، وبذلك يرى نفسه من الصالحين ومن خاصّة الله ويرى نفسه مستحقاً للثناء ومستوجباً للمدح على تلك الأعمال الحقيرة التافهة. وإذا ما رأى من غيره أعمالاً أفضل وأعظم من أعماله يعيرها أهمية، ويصف أعمال الناس الصالحة بالقبح، وأعماله السيئة القبيحة بالحسنة. يسيء الظنّ بخلق الله ولكنّه يحسن الظنّ بنفسه، وأن الله مدين له وأنه يستوجب منه الرحمة.

فلنفكر الآن قليلاً في أعمالنا الصالحة ولنحكِّم العقل قليلاً في الأفعال العباديّة الصادرة عنّا، ولننظر إليها بعين الإنصاف، لنرَ هل أننا نستحق بها المدح والثناء والثواب والرحمة، أو أننا جديرون باللوم والعتاب والغضب والنقمة؟ وإذا ما أحرقنا الله بسبب هذه الأعمال، التي نراها حسنة، بنار القهر والغضب ألا يكون ذلك عدلاً؟

*الدنيا قِبلَة آمالنا
إني أحكّمكم في هذا السؤال الذي أطرحه، أريد منكم الجواب عنه، بإنصاف، بعد إعمال الفكر والتأمل. والسؤال هو أنه إذا أخبركم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الصادق المصدّق، أنكم إذا عبدتم الله طوال عمركم وأطعتم أوامره وتركتم شهوات النفس ورغباتها، أو تركتم عبادته وعملتم على خلاف توجيهاته سبحانه وتعالى وعلى أساس رغبات النفس وشهواتها طيلة حياتكم، إذا أخبركم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأنكم سيّان - في كلتا الحالتين - ولن تختلف درجاتكم في الآخرة إنكم على كل حال "ناجون" وستذهبون إلى الجنة وتأمنون من العذاب، فلا فرق -حسب الفرض- بين أن تصلّوا أو تزنوا! هل كنتم تتركون الشهوات وتحرّمون على أنفسكم اللّذات النفسانيّة من أجل رضا الله تعالى والرغبة فيه، أو لا؟ هل كنتم ستتقرّبون منه تعالى بالمستحبّات والجُمعة والجماعات؟ أجيبوا بإنصاف ودون تظاهر ورياء. إنني أعلن عن نفسي وعمن من هو على شاكلتي بأنّا كنّا نصبح من أهل المعصية ونترك الطاعات ونعمل بالشهوات النفسانية.

وبعد ما تقدم، نستنتج أنّ جميع أعمالنا هي من أجل اللّذات النفسانيّة وإنّ وجهة أنظارنا وقبلَة آمالنا هي فتح بساط الشهوة. إنّ الصلاة التي هي معراج القرب إلى الله نؤدّيها قربة لنساء الجنة ولا علاقة لها بالقرب إلى الله، ولا علاقة لها بطاعة الأمر، وهي بعيدة آلاف الفراسخ عن رضا الله.

*الرياء شرك
أيها المسكين! أنت في حضرة الله جلّ جلاله، وفي محضر الملائكة المقربين، تعمل خلاف رضا الله تعالى، والعبادة التي هي معراج القرب من الله، تؤديها لأجل النفس الأمّارة بالسوء ولأجل الشيطان، فالرياء شرك وقبحه ناشئ من أنك لم تؤدِّ العبادة لأجل الله.
وعليه إذا استدعى العمل العُجب والتدلل والتغنج، فافعل. وإذا استدعى الخجل والتذلّل والاعتراف بالتقصير فيجب عليك بعد كل عبادة أن تتوب مما نسبته إلى نفسك دون دليل. ألا ترى أن عليك أن تتوب من قولك وأنت تقف أمام الله قبل الدخول في الصلاة: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام: 79)، ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الأنعام: 162). فهل وجوهكم متوجهة إلى فاطر السماوات والأرض؟ هل أنتم مسلمون وخالصون من الشرك؟ هل صلاتكم وعبادتكم وحياتكم ومماتكم لله؟

*كن حذراً من إحباط الأعمال
فيا أيها الأخ، كن حذراً تجاه مكائد النفس والشيطان، واعلم أنه لن يدعك أيها المسكين تؤدّي عملاً واحداً بإخلاص. وحتى هذه الأعمال غير الخالصة التي تقبّلها الله تعالى منك بفضله، لا يدعك - الشيطان - أن تصل بها إلى الهدف فيعمل عملاً تحبط به أعمالك كلها، وتخسر حتى هذا النفع بسبب هذا العجب والتدلّل في غير موقعه. وبغضّ النظر عن بُعد الوصول إلى الله ورضاه، فإنّك لن تصل إلى الجنّة ولا إلى الحور العين، بل تخلّد في العذاب وتعذّب بنار الغضب كذلك.

*صلاة أمير المؤمنين عليه السلام
يا سيّئ الحظ الذي لم يطلع على قلوب المحبين، وعلى لهب شوقها تجاه الحق سبحانه، أيها المسكين الغافل عن حرقة المخلصين ونور أعمالهم! أوَتتوهَّم أنّ ميزة صلاة أمير المؤمنين عليه السلام عن صلاتنا أنه عليه السلام كان يمدّ "الضالين" أكثر أو أن قراءته أصحّ أو أن سجوده أطول وأذكاره وأوراده أكثر؟ أو أن ميزة ذلك الرجل العظيم في أنه كان يصلّي عدة مئات من الركعات كلّ ليلة؟ أو تظن أنّ مناجاة سيد الساجدين علي بن الحسين عليه السلام هي مثل مناجاتي ومناجاتك؟ وأنه كان يتحرّق ويتضرّع بتلك الصورة من أجل الحور العين ونِعَم الجنة.

أقسم به صلوات الله وسلامه عليه، وإنّه لقسَمٌ عظيم، لو أن المحبين كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً، وأرادوا أن يتفوهوا بكلمة (لا إله إلا اللهَ) مرة واحدة بمثل ما كان يقولها أمير المؤمنين عليه السلام لما استطاعوا. فكم أكون تعيساً وشقياً أن لا أكون على خطى علي عليه السلام وأنا من العارفين بمقام ولاية علي عليه السلام؟

*أيها العزيز
فيا أيها العزيز! لا تتباهَ بقربك من الله ولا تبالغ في حبك له، أيها المساكين المبتلون يا سيّئي الحظ المغلوبين بمكائد النفس وهواها، كلكم مساكين، كلكم بعيدون فراسخ عن الإخلاص وعبادة الله، لا تحسنوا الظنّ بأنفسكم إلى هذا الحد، ولا تتدلّلوا، اسألوا قلوبكم: هل تبحث عن الله، أم تريد ذاتها؟ هل هي موحّدة وتطلب الواحد أم مشركة وتعبد اثنين؟ فماذا يعني إذاً كلّ هذا العُجب؟ ماذا يعني إذاً التعالي بالعمل إلى الحد الذي إذا صحّت جميع أجزائه وشروطه وخلا من الرياء والشرك والعُجْب وباقي المفسدات، فهدفه الوصول إلى إشباع شهوات البطن والفرج، فما قيمته كي تنقله الملائكة؟ هذه الأعمال من القبائح والفجائع، وينبغي للإنسان أن يخجل منها ويسترها...

إلهي... بك نعوذ نحن المساكين من شر الشياطين والنفس الأمارة بالسوء، اللهم فاحفظنا من مكائدهم بحق محمد وآله.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع