مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

شباب: نداء مَنْ... تلبّي؟

ديما جمعة فواز


كان يجلس خلف مكتبه، يتصفح الأوراق التي حوله، تنهَّد بعمقٍ كالمحارب الذي وصل أخيراً إلى برّ الأمان. لقد تسلَّم اليوم وظيفة أحلامه في أهمّ شركة استثمارية في البلد.. كم تغيرت حياته منذ الأمس حتى اللحظة، فقد كان يائساً ومحبَطاً... حتى تلقَّى الاتصال الهاتفي من مسؤول الموظفين يطلب منه القدوم لتسلّم منصبه الجديد والمميّز. هزّ رأسه مبتسماً حين تذكّر وجه والدته، التي ظنّت أنه يمازحها، وحين تأكد لها صحة الخبر، سجدت لله شاكرة.

لقد تخرّج منذ عامين، ولم ينفكّ يطرق أبواب المؤسسات يبحث عن فرصة عمل، حتّى قرر أن يجازف ويضع اسمه على لائحة الانتظار في هذه الشركة، ثم نسي الموضوع تماماً. فقد مضى على تقدّمه للوظيفة ما يزيد عن خمسة أشهر.

تقلّصت ملامحه حين فطن إلى فكرة لم تبرح ذهنه منذ ليل أمس. لقد كان قانطاً من رحمة الله عزّ وجلّ، معتبراً أن الله قد نسي أمره، وأن لا أملَ له من الدعاء والإصرار.. كان والده يدعوه للتفاؤل فيما هو يتمتم غاضباً: "ولماذا أتفاءل؟". لم يكن يدرك أنّ الفرج قريب، وأنّ الله يخبئ له الأفضل.

دقّ هاتفه الخلوي منذراً برسالة من أمه، فتحها ليقرأ الكلمات التالية: "بني، حيّ على خير العمل". نظر إلى الساعة، وتذكّر أن أوان صلاة الظهر قد حان. يا الله بالأمس حين وقف للصلاة كان يبكي لشدة ألمه من الفراغ والملل الذي يعاني منه، "سبحان مغيّر الأحوال"، همس واضعاً هاتفه جانباً وبدأ يتصفح الأوراق أمامه، ويفكر بأهميّة أن يكون على قدر المسؤولية في هذه المؤسسة. قرر أن يبدأ أولاً بتنظيم الملفات، وتقسيم الأولويات و.. دق جرس هاتف المكتب، إنه السكرتير يطلب منه القدوم للقاء المدير: "حسناً، ها أنا ذا قادم فوراً". سارع الخطى فرحاً بطلب المدير شخصياً أن يراه. وجد رسالة ثانية من أمه، فتحها على عجل فيما كان يتقدم من مكتب المدير، قرأ كلماتها وجمد مكانه، نظر حوله بتردد، أعاد تأمل كلمات الرسالة، وضع هاتفه أمامه على الطاولة والتفت خلفه ثانية، ثم نظر في وجه السكرتير الذي رحب بقدومه مستغرباً ارتباكه، همس له بأدب: "سأعود بعد 4 دقائق.. عذراً" هرول عائداً إلى مكتبه، افترش مصليته وكبّر. لم يلتفت إلى السكرتير الذي كان يناديه أنه نسي هاتفه، وبفضول شديد اطلع على الخلوي ليعرف سر ارتباكه: "بنيّ، منذ عشر دقائق، دعاك وليّ نعمتك للقائه ولم تبالِ، بينما سارعت الخطى لتلقى عبداً من عباده، فاحذر مَنْ تعبد ونداء مَنْ تلبّي"!

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع