نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الهيئة الصحية الإسلامية: عطاءٌ لا يتوقف

تحقيق: هبة عباس

وُلدت من رَحم معاناة أهلها ومجتمعها؛ فمن الحرب الأهلية عام 1975 إلى الاجتياح الإسرائيلي وعدوانه عام 1982، سنوات تكلّلت بالدماء والجراح والآلام والأحزان، ما دفع بقلّة قليلة من أصحاب الاختصاص والخبرة في مجال الطبّ والتمريض إلى تشكيلها. وهكذا كانت البداية المتواضعة في آب عام 1984 في شقّة صغيرة في بئر العبد لإسعاف الجرحى والمصابين الذين كان يتعذّر نقلهم إلى مستشفيات بيروت بسبب الحرب الأهليّة الدائرة، إضافة إلى مركز في الغازية لمؤازرة العمل المقاوم في الجنوب.

ومن آب 1984 إلى آب 2014 مسيرة طويلة من العطاء، التضحية، التفوّق والتطوّر لتصبح من أهمّ المؤسّسات الصحيّة في لبنان، وفروعها ممتدة على امتداد الوطن، إنها الهيئة الصحيّة الإسلاميّة. وفي ذكراها الثلاثين، تحيّة تقدير وامتنان لكلّ من ساهم وضحّى في سبيل بقاء هذه المؤسسة، على مدى هذه السنوات.

"بقية الله" ومواكبةً منها لخدمات الهيئة الصحيّة، وللوقوف على أبرز المحطّات التي مرّت بها وللإضاءة على مشاريعها وخدماتها ومدى انتشار مراكزها، كان لها حديث مع المدير العام للهيئة الصحيّة الإسلاميّة الحاج عبّاس حبّ الله.

*البداية
أدّت الحرب الأهليّة وغياب الدولة بأجهزتها ومؤسّساتها إلى نشوء أحزمة من البؤس والحرمان في مختلف المناطق اللبنانية، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت، التي بدأت عام 1982 بسبب الاجتياح الإسرائيلي باستقبال أعداد كبيرة من النازحين، من الجنوب والبقاع، ممّن يحتاجون، بطبيعة الحال، إلى خدمات صحيّة مختلفة. وعن الوضع في تلك الفترة، يقول الحاج حبّ الله: "الهيئة هي نِتاج فرضه الواقع فانعدام وجود مركز صحّي لاستقبال أي حالات طارئة دَفع بعدد من الإخوة، من ذوي الاختصاص الطبي، إلى استئجار شقّة صغيرة في بئر العبد، والتي عرفت فيما بعد بدار الحوراء، لاستقبال المصابين والجرحى، وأسسوا النواة لمستوصف. هكذا كانت البداية، حيث أدّى ضغط الحاجة لعدد من العناوين الطبية المختلفة كالجراحة والتوليد إلى تطوّر دار الحوراء، ثمّ إلى إنشاء عدد من المراكز في مناطق أخرى سواء في الجنوب أو البقاع".

*أقسام الهيئة
مرّت الهيئة الصحيّة الإسلاميّة بعدد من المراحل حيث حصلت عام 1988 على ترخيص رسمي من الدولة، وتطوّرت خدماتها وفق تطوّر الواقع وحاجة الناس حتى أصبحت مؤسسة ضخمة على مستوى الوطن، ثم تطوّرت لتشمل عدداً من الأقسام الصحية الأخرى: "منها الدفاع المدني، حوالي 200 سيارة إسعاف بالإضافة إلى سيارات الإطفاء والإنقاذ".

وأضاف: "تنتشر المراكز الصحية التابعة للهيئة في مختلف المناطق اللبنانية والتي يفوق عددها التسعين مركزاً يستفيد منها حوالي المليون حالة شهرياً، إضافةً إلى وجود 3 مستشفيات تابعة للهيئة في بنت جبيل، الهرمل وسحمر، إلى جانب مركزين في جويا وكيفون للعلاج والتأهيل من إدمان المخدرات". كما لفت الحاج حبّ الله إلى وجود العديد من البرامج الصحية والنفسية الضخمة. منها: برنامج الصحة المدرسية، برنامج التحصين والتلقيح الشامل، برنامج سلامة الغذاء، إلى جانب عددٍ من العيادات النفسيّة المتخصّصة، إضافة إلى وجود الكثير من البرامج التدريبيّة للناس عامة والمتطوّعين في حال حدوث أي وضع أمني طارئ ليستطيعوا إفادة أنفسهم أو المحيطين بهم.

وقد أكّد الحاج عباس على الجهوزيّة الكاملة التي يتمتع بها مختلف أقسام الهيئة لمواكبة أيّ تطورات أمنيّة جديدة.

*الرسالة والأهداف
يقول الحاج حبّ الله: "تسعى الهيئة الصحية الإسلامية إلى تقديم أفضل الخدمات الصحيّة والرعائيّة لكافة شرائح المجتمع اللبناني، وبالأخص المستضعفين منهم. وهي جمعيّة لا تتوخى الربح، بل هي ظهير للمقاومة ومجتمعها، تدعم صمود الناس في أرضهم وقراهم، وتساعد كل المحرومين والمستضعفين وتقدم خدماتها لهم، وكل هذا بالاستناد إلى روح الإسلام وقيمه وتعاليمه"، مضيفاً: "نحن نحاول أن نقدّم تجربة إسلاميّة رائدة في مجال تقديم الخدمات الصحيّة لكلّ الناس، ونقوم بتبنّي القضايا الصحيّة والبيئيّة الملحّة للفئات المستضعفة".

*طاقم العمل

تحوي الهيئة الصحية طاقات بشرية كبيرة على مستوى الاختصاصات المختلفة. حيث يتم العمل على تنمية طاقات هذا الطاقم عبر برامج تدريبية كبيرة وورش عمل ومؤتمرات، وذلك تبعاً للاختصاصات المختلفة. وقد أكّد الحاج حبّ الله على أهمية العمل التطوّعي الذي يعتبر الحجر الأساس لأيّ مشروع أو نشاط ميداني، مضيفاً: "بدأ العمل التطوعي في الهيئة الصحية الإسلامية كفكرة عفوية في العام 1993، وتمّ تطويره ليصبح ذا استقلالية إدارية وفنية وليدخل ضمن الهيكليّة العامّة للهيئة الصحيّة بمفهومه وعديده، وتم تقسيمه إلى فرق عمل تخصصية، كفريق التمريض، والتثقيف الصحي، والإعلام والمعلوماتيّة".

*مشاريع الهيئة الصحية
تحدّث الحاج حبّ الله عن المشاريع الكبيرة التي تعمل عليها الهيئة الصحيّة بالتعاون مع العديد من البلديّات، وهي من المؤسسات ذات التواصل المباشر مع المواطنين وكسلطة رسميّة موجودة على الأرض.

وفي تعداد لهذه البرامج قال: "بدأنا منذ سنوات بتطبيق برنامج التحصين الشامل وهو عبارة عن برنامج لتلقيح الأطفال، وما زلنا مستمرّين بهذا المشروع، وقد وصلنا إلى تغطية وإحصاء 21 الف وحدة سكنيّة من مختلف المناطق اللبنانية".

المشروع الثاني، هو مشروع سلامة الغذاء وهو موضوع مُهمَل، ولا وجود لأيّ معايير صحيّة في لبنان، ولأي منشأة غذائية سواء المطاعم أو الملاحم أو الأفران. وفي آخر نتاج لهذا المشروع، تم تخريج 118 مراقباً صحياً لسلامة الغذاء، بالتعاون مع بلديّة الغبيري.

المشروع الثالث، الذي تحدث عنه المدير العام، هو الصحّة المدرسية، وهو من المشاريع الضخمة التي بدأت الهيئة الصحيّة العمل عليها منذ 25 سنة، واهتمامها مركّز على المدارس الرسمية بشكل أساسي.

المشروع الرابع، يهتم بالرعاية النفسية للتلامذة. المشروع الخامس، مشروع مكافحة المخدرات، وعنه قال الحاج عباس: "أطلقت جمعيّة الهيئة الصحيّة الإسلاميّة "حملة الوقاية من المخدرات"، التي بدأت بزيارات ميدانيّة إلى مراكز تأهيل المدمنين، كما تضمّنت تلك الحملة تنفيذ ندوات وورش حول إعداد محاضرين للوقاية من المخدرات.

كما ألقيت محاضرات تثقيفية في العديد من المدارس والثانويات لتوعية الطلاب حول هذه الظاهرة والأساليب التي قد يعتمدها المروّجون لإيقاع الضحايا.

وبالسؤال عن أي مشاريع مستقبلية يتمّ التحضير لها أعلن الحاج حبّ الله: "يتم العمل حالياً بالتعاون مع اتحاد بلديات الضاحية على إقامة مرصد صحي". لافتاً كذلك إلى العمل المشترك الذي تقوم به الهيئة مع مختلف المنظمات الدولية، منها: منظمة اليونيسيف، منظمة الصحة العالمية، منظمة أطبّاء بلا حدود، الهيئة الطبيّة الدوليّة والصليب الأحمر الدولي.
أما فيما خصّ الصعوبات التي واجهتها الهيئة فأكّد المدير العام على أنّ "غياب الدولة بأجهزتها ومؤسّساتها يعتَبر من الصعوبات التي قد تواجه أي مؤسسة أو جمعية، لأن الهيئة بدأت، وفي مشاريعها، من الصفر ودون أي مساعدة من الدولة وبإمكانيات وجهود فردية بحتة كحال كل الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والصحية في لبنان".

*شهداء الهيئة الصحيّة
واستذكر الحاج عبّاس شهداء الهيئة، الذين سقطوا أثناء أداء واجبهم المهني ويبلغ عددهم حوالي 16 شهيداً، واستطرد قائلاً: "روح الشهادة والمقاومة موجودة ومزروعة في الهيئة الصحية وبين أفرادها، وهذه الروحية هي التي أوصلت الهيئة من مركز صغير إلى مؤسسة ضخمة تمتدّ على امتداد الوطن. وتكريماً لهؤلاء الشهداء جعلنا يوم الرابع من آب يوم الهيئة الصحيّة الإسلاميّة تخليداً لذكراهم".

وفي الختام أضاء الحاج عباس حبّ الله على مساعدة الهيئة للنازحين السوريين مؤكّداً: "شرّعت الهيئة الصحيّة الإسلاميّة أبواب مستشفياتها ومراكزها الصحيّة ومستوصفاتها لهم التزاماً منها بمساعدة المحرومين والمستضعفين".

وأوضح الحاج حبّ الله التزام الهيئة تقديم أفضل ما لديها لجمهورها وأهلها ومجتمعها، سواء في نوعيّة الخدمات التي تقدمها، أو تطويرها لتناسب مختلف الاحتياجات الطبية والصحيّة مع الحفاظ على الطابع الإنساني والأخلاقي لهذه المؤسسة، والحفاظ على روح المقاومة وحمايتها ومساندتها وخدمة جمهور وأهل هذه المقاومة وهو الدافع الأساس وراء تأسيس الهيئة الصحيّة الإسلاميّة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع