الشاعر خليل عجمي
لمّا بدا نورُ الولادةِ يسطعُ |
والحقُّ يظهر والبقيّة توضَعُ |
والوحيُ أوحى للإمامِ مبشّراً |
بولادةٍ شَمْلَ البريَّةِ تجمعُ |
والشمسُ قد وقفت تسبّحُ ربَّها |
والأرض للسرِّ الإلهيِّ تخشعُ |
اللهُ ما أحلاك يا يوماً بهِ |
قمرُ الزمان على الوجود سيطلعُ |
ما إن هوتْ للأرض معجزةُ السّما |
تسعى وأبواب السّماء تشرّعُ |
وإذا بسامِرّاءَ بيتٌ طاهرٌ |
من فوْحِ نرجُسِهِ الشذا يتضوّع |
وإذا بسرْبٍ من ملائكة السّما |
عند الإمامِ العسكري يتجمّعُ |
نبأٌ عظيمٌ هزَّ أبراجَ الفضا |
فالأرض تسجدُ والكواكبُ تركعُ |
ما كادت الأنوار تختصر الأذى |
بمباركٍ هو للإمامة مرجعُ |
صاحت ملائكةُ الإله بمكة |
الله أكبر يا بني البشر اسمعوا |
اليوم قد وُلِد الإمام محمدٌ |
وُلِدَ النقيُّ الطاهر المتضرِّعُ |
ولِدَ الشبيهُ بأحمدٍ إشراقةً |
ومهابةً فهو الحبيبُ الألمعُ |
ولِدَ الفتى المهديُّ نوراً ساطعاً |
ولنورهِ في كلِّ أرضٍ موقعُ |
ولِدَ الذي يحمي رسالة أحمدٍ |
وسيفه رأس الظلام سيقطعُ |
ولِدَ الهُدى من غرَّةِ الفجر الذي |
فيها أذان الصبح دوماً يُرْفعُ |
فتألّقت بلقاهُ سامرّاؤهُ |
وزها عليها ثوبها المتشيِّعُ |
ولِدَ التّقى فالكون أصبح مُشرقاً |
والشمسُ مصدرُها الجهاتُ الأربعُ |
ما ظلَّ في الدنيا سراجٌ واحدٌ |
إلّا وحين رآهُ راح يشعشعُ |
سُبحانكَ اللهمّ يا ربّاهُ ما |
هذا العطاء الهاشميُّ المبدعُ |
زيَّنتَ دنيانا بأروع قائمٍ |
فلهُ بأعيننا المكان الأروعُ |
بمحمَّدٍ دين السماء قد ابتدى |
وبمثلهِ خُتِمَ المقامُ الأرفعُ |
يا قائمَ الدُّنيا ويا مهديّها |
يا حُجَّةَ اللهِ التي بك تودعُ |
يا منقذ البشريّة استغفِرْ لها |
ربَّ السماء فإنّ بابك أوسعُ |
إنَّ الزمانَ إلى ظهوركَ مُبطئٌ |
فمتى الظهور إلى لقائكَ يُسرع |
اظهرْ على الدنيا وأصلحْ شأنها |
فالأرض دونكَ يا إمامي بلقعُ |
فإلى لقائكَ يا إمام زماننا |
للهِ ها هي أمّتي تتضرّعُ |
فالأرض دونك لا سلام بها ولا |
قِسطٌ ولا عدل ولا مَن يشفعُ |
والظلْمُ عمّ الكونَ في أرجائه |
والجَوْرُ في قتل المبادئ مُرْوعُ |
حُكّام أهل الأرض قد فتكوا بها |
وحروبهم ضدّ التشيّعِ شرّعوا |
قد طال باع الشرّ فيها وانبرى |
في كلّ يومٍ للحقيقةِ مَصرعُ |
قد أوصدوا باب الحلال وشرّعوا |
باب الحرام وبالجرائم فظّعوا |
وعن الأذيّة والإساءة للورى |
وإباحةِ الأعراض لم يتورّعوا |
* * *
لكنْ تأكّدْ يا إمامي أنّنا |
ما دُمْتَ فينا قائماً لا نخدعُ |
ما دمتَ قائمَ آل بيت محمدٍ |
فلغير ربّ الكون لسنا نركعُ |
وبغير نهج المرتضى لم نلتزمْ |
ولغير دين محمد لا نخضعُ |
مولايَ عجِّلْ في ظهورك فالدُّنا |
جفَّتْ كرامتها وأنتَ المنبعُ |
خسئَ الذي قد قال إنك بدعةٌ |
لا يعرفُ الإبداعَ مَن لا يُبدعُ |
لا يُنكر المهديّ إلّا كافرٌ |
في سمْعهِ من كفِّ مَرْحَبَ(*) إصبعُ |
أبقيّة الله انتظارك قائمٌ |
فينا وأنت القائم المتشفّعُ |
يا وارثاً للأنبياء وحجّةَ |
الله العظيم لك المراجع ترجعُ |
قد خصَّكَ الرحمن باليوم الذي |
فيه طُغاة الأرض سوف ترْكعُ |
شعبان في ذكراك يبدو شامخاً |
وعلى الثريّا نصفه يتربّعُ |
في غيبتك بلغتَ أسرار السما |
فالسرُّ فيك وقلبك المستودعُ |
مولاي إنّ الدين فيك مُظفّرٌ |
وظهورك استقباله نتتبّعُ |
آنَ الأوان لكي تطهّر أرضنا |
من كل رجسٍ فوقها قد أوقعوا |
فالأرض لا يرث الهدى من أهلها |
إلّا العباد الصالحون الركّعُ |
والكون لا يزهو بنورِ محمدٍ |
إلّا وفيهِ من هواكَ تشيّعُ |
(*) مَرْحَب: عبد هند بنت عتبة الذي قتل حمزة بن عبد المطلب.