نهى عبد الله
يقولون: "إذا أردت أن ترشد أحدهم إلى طريقك، ضع علامة ثابتة، تدلّ عليك".
كان طريقها إلى الربوة الخضراء العالية، يمرّ بذلك النفق المظلم، الذي ينتهي بمخرجين... الأول معالمه واضحة، واسع، لا يحدّه باب، ينبعث منه ضوءٌ يُخيّل أنه للشمس؛ ليذهل المارّين عن المخرج الثاني الذي يستتر بعده بأمتار قليلة، وبابه موصد... لكنها تملك المفتاح.
كانت تعرف خدعة النفق، وتعلم أن هناك من سيمر بعدها ويتبعها، وعليها أن توضح معالم الطريق جيداً في وقت قصير، حتى لا يتيه أتباعها في ذلك النفق، فأوقدت في كل منعطف مظلم شعلةً تكشف الطريق، لكن لن تكفي مشاعلها.. فالمَخرج الزائف يشعّ بالضوء أيضاً.
فأخذت عقدها ونثرت حبيبات اللؤلؤ باتجاه الباب الثاني.. وعلّقت قرطها على بابه... لكن هذه العلامات قد يغيرها الزمن! لذا أخذت المفتاح وعلقته على الباب الزائف... لتترك سؤالاً لكل من يخاله مخرجاً صحيحاً: لم يملك مفتاحاً وليس له باب؟ فالمفتاح لباب آخر...
اتبعها كثيرون، وعرفوا أن المفتاح يعود إليها، وعرفوها بصاحبة السرّ المستودع، وأمام كل باب موصد وكربة مستعصية، كانت قلوبهم تلهج باسمها وتتوسل بكرامة سرّها، الذي جعلته علامة لا تغيرها يد الزمان ولا المنتصر الذي يكتب التاريخ.
فكلما حاول المارّون الوصول من هناك إلى هنا، على طريق يبدو هادئاً، وأمام بوابة زائفة، أيقظَتْهُم، فتوقفوا أمام علامة وضعتها هي ليتساءلوا: إذا كان التاريخ صحيحاً، فلِمَ لم يُعرف قبرها حتى الآن؟
السلام على السيدة فاطمة وأبيها..
وبعلها وبنيها..
والسرّ المستودع فيها