الأصل الأول: التوحيد.
الأصل الثاني: حقيقة الإنسان.
الأصل الثالث: معرفة اللَّه.
1- التوحيد
يرى الإمام الخميني"قدس سره" أن التوحيد هو غاية بعثة الأنبياء:
"فإن عمدة المقصود للأنبياء العظام، وتشريع الشرائع وتأسيس الأحكام ونزول الكتب السماوية وخصوصاً القرآن الشريف الجامع الذي صاحبه وكاشفه نور الرسول الخاتم المطهر صلى الله عليه وآله وسلم هو نشر التوحيد والمعارف الإلهية وقطع جذور الكفر والشرك وعبادة إلهين اثنين"الآداب المعنوية للصلاة".
ثم ينقل سلام اللَّه عليه عن أستاذه الشيخ العارف "شاه آبادي" قوله:
"إن العبادات هي جريان التوحيد من باطن القلب إلى ملك البدن" ويرى الإمام أن التوحيد بمعناه الحقيقي هو الانقطاع التام إلى اللَّه وشهود حقيقة "لا موجود إلا اللَّه" وإن "كل كمال وجمال وخير وبهاء للَّه سبحانه" ولا يحصل هذا إلا من خلال العبادات الشرعية التي تقوم على أساس المعرفة: "وبالجملة، فإن النتيجة المطلوبة من العبادات هي تحصيل المعارف وتمكين التوحيد وسائر المعارف في القلب..""الآداب المعنوية للصلاة".
إننا حسب الفطرة الإلهية نعشق الكمال المطلق ونملك من هذا العشق عشق مطلق الكمال.
2- حقيقة الإنسان
وعندما ينظر الإمام إلى حقيقة الإنسان فإنه يراه مستودعاً للفطرة الإلهية التي لا تعشق إلا الكمال المطلق كما جاء في وصيته لابنه السيد أحمد:
"اعلم أن في كل إنسان، حباً فطرياً للكمال المطلق، وحباً للوصول إلى الكمال المطلق، ويستحيل أن ينفصل عنه هذا الحب".
ويقول سلام اللَّه عليه:
"إننا حسب الفطرة الإلهية نعشق الكمال المطلق، ونملك من هذا العشق عشق مطلق الكمال...".
ويقول أيضاً في كتاب الآداب المعنوية للصلاة:
"ففي جميع سلسلة البشر مع اختلافهم في العقائد والأخلاق والطبائع والأمزجة والأمكنة والعادات في البدوي منهم والحضري، والوحشي والمتمدن والعالم والجاهل والإلهي والطبيعي، هاتان الفطرتان"التنفر من النقص والعشق للكمال" مخمرتان وإن كانوا"البشر" محجوبين عن هذه الفطرة ويختلفون في تشخيص الكمال..".
3- معرفة اللَّه
يبين الإمام الخميني"قدس سر" في العديد من المواضع أن طريق تهذيب النفس وتطهيرها يتم من خلال معرفة اللَّه تعالى. هذه المعرفة التي هي سر وجود الإنسان بقوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} والتي تتميز عما عهدناه من أنواع المعارف الحصولية الاصطلاحية. هي معرفة قلبية تمتزج بالكمالات والسعادات كما قال الإمام الصادق عليه السلام.
"لو يعلم الناس ما في فضل معرفة اللَّه تعالى لما مدوا أعينهم إلى ما متع به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها وكانت دنياهم أقل عدهم مما يطؤونه بأرجلهم، إن معرفة اللَّه تعالى أنس من كل وحشة وصاحب من كل وحدة وقوة من كل ضعف وشفاء من كل سقم".
يقول الإمام الخميني قدس سره:
"فالإيمان بأن المتصرف في مملكة الوجود وعوامل الغيب والشهود هو اللَّه تعالى، وبأن ليس لسائر الموجودات فيها تصرف إلا التصرف الأدنى الظلي، يوجب كثيراً من الكمالات النفسانية والأخلاق الفاضلة الإنسانية، مثل التوكل والاعتماد على الحق وقطع الطمع بالمخلوق"وهي أمّ الكمالات"، وبالتالي يوجب الكثير من الأعمال الصالحة والأفعال الحسنة، وترك كثير من القبائح، وهكذا سائر المعارف التي تعدادها وتعداد تأثيراتها خارج عن مجال هذه الأوراق"."الآداب المعنوية للصلاة".
إن الأصل الذي تبنى عليه جميع التعاليم الأخلاقية هو التوحيد وأن المعرفة بهذا الأصل والإيمان به يعني: إن المربي الأوحد الذي يخلص الإنسان من شراك إبليس وغوايته والنفس الأمارة ومكائدها هو اللَّه تعالى. وإن كل منهج لا ينطلق من هذا الأصل التوحيدي ليس إلا مظهراً من مظاهر الشرك والاعتماد على غير اللَّه تعالى. ومن هنا يعلم مقصود أهل اللَّه وعلى رأسهم الإمام الخميني من التركيز على باب معرفة اللَّه تعالى ودوره في تهذيب الباطن. فإن المعرفة عندهم هي إدراك أن المتصرف في كل عوالم الوجود، والمهيمن على كل من في السموات والأرضين هو اللَّه تعالى وحده لا شريك له، وأما أن يقوم الإنسان معتمداً على نفسه بتطهير باطنه- فإنه وإن أفلح في التخلص من بعض الأمراض النفسية، وقدر على قهر جوانب الإفراط والتفريط فيها، لكنه يكون قد وقع في مرض أخطر ومشكلة أعظم.
نعم أن طريقة اليونان في تهذيب الباطن والتخلص من الملكات الرذيلة للتحلي بالملكات الفاضلة لا توصل الإنسان إلا إلى بعض النتائج الاجتماية التي تحصل من خلال رياضيات المرتاضين وغلبة قوى النفس وتسخيرها، فأين هذا وأين ذاك ممّا تقدمه المدرسة الإلهية وتؤكد عليه بأن الإنسان خلق لأجل الوصول إلى اللَّه تعالى. وإن السعادة الحقيقية ليست في السيطرة على النفس أو التحلي ببعض الملكات الفاضلة، بل في لقاء اللَّه والحضور الدائم في محضره المقدس.
يقول سلام اللَّه عليه:
"فيلزم للسالك إلى اللَّه أن يبدّل أوصافه وأخلاقه السيئة إلى الأوصاف والأخلاق الكاملة، ويفنى في بحر الأوصاف الكمالية للحق- هذا البحر المتلاطم غير المتناهي- ويبدّل الأرض المظلمة الشيطانية بأرض بيضاء مشرفة، ويجد في نفسه حقيقة "وأشرقت الأرض بنور ربها"، ويحقق في مملكة وجوده مقام أسماء الجمال والجلال للذات المقدسة"."الآداب المعنوية للصلاة".
وبما أن الطريق العملي للوصول إلى معرفة اللَّه تعالى هو العبادات الشرعية التي تندرج تحت عنوان العبودية والطاعة، فإن طريق تهذيب النفس من خلال معرفة اللَّه تعالى لا يمكن أن يحصل إلا بواسطة العبادات والمناسك، يقول الإمام: "وبالجملة يرى السالك في روح العبادات والمناسك وباطنها معرفة اللَّه ويطلب فيها المحبوب، ولعله تستحكم في قلبه علاقة المحبة والمحبوبية، ويكون عندها مورداً للعنايات الخفية والمراودات السرية""الآداب المعنوية".