﴿ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها﴾
لقد كانت رسالتنا دائماً وأبداً هي الإسلام، والإسلام هو كلمة الله الطيبة التي تؤتي ثمار المعرفة والهدى للناس في كل عصر وزمان.
وكانت الحوزات العلمية والعلماء الملتزمون طيلة تاريخ الإسلام والتشيع أهم قواعد الإسلام الحصينة في مواجهة حملات التضليل والتحريف. ولقد بذل علماء الإسلام الكبار والمراجع العظام الجهود والتضحيات لنشر مسائل الحلال والحرام كما هي ودون أدنى تدخل أو تصرف. وقد وطنوا النفس على الصبر وتحمل كل المرارات والعذابات في هذا الطريق لأنهم كانوا على يقين وبصيرة من أمرهم يحدوهم الأمل الإلهي بوراثة المستضعفين الأرض ونشر الحق والعدل في كل بقاعها.
وأصبح الأمل حقيقة والأمنية واقعاً حين ارتفعت راية الإسلام في إيران بقيادة حكومة الولي الفقيه المنبثقة من عمق مفاهيم الإسلام وشموليته، ولم يكن ذك ممكناً لولا بروز تطور في فهم در الفقيه وموقعيته في الأمة، حيث أصبح القائد والموجه لكل قطاعاتها، والمتعهد لجميع قضايا المسلمين والمستضعفين في العالم.
لقد قامت المرجعية بأدوار ضخمة في المجالات العلمية والاجتماعية والسياسية، بما لا يمكن أن ينكرها أحد. إلا أننا نعتقد أن الاعتبارات التقليدية التي تم التعامل بها في مجال اختيار المرجعية العامة، وإن كانت ناجعة في العصور الماضية عصور التشرذم والاستضعاف، تبدو اليوم غير كافية، بل تكاد تعيق أهدافها حيث أننا اليوم في عصر قوة الإسلام ووقوفه قبال كل الطواغيت والمستكبرين.
لقد كانت الحوزات العلمية تشهد تحولات جيدة في مجال تقوية دور المرجعية تبعاً للتطورات والتعقيدات الاجتماعية والسياسية المستجدة: فلم تعد الدراسات الفقهية تقتصر على الأبواب التقليدية كالصلاة أو الطهارة، وإنما راحت تتناول شيئاً فشيئاً الأبواب الأكثر اجتماعية، والذي يراجع الرسائل العملية لفقهائنا العظام يلاحظ ذلك بأدنى تأمل. إلا أن - والحق يقال - هذا التقدم لم يكن بالمستوى المطلوب.
إننا اليوم بأمس الحاجة أكثر من أي وقت مضى لإعادة النظر في موقع الفقيه، وخاصة المرجع الأعلى، ودوره القيادي والتوجيهي للأمة، هذا هو النتاج الطبيعي للجهود التي بذلها علماؤنا الكبار طيلة تاريخ الإسلام، ولم يعد بالإمكان ترى الأمور على عواهنها، خصوصاً مع ملاحظة جهود الاستكبار ضب الإسلام. وإن أكبر ثغرة يمكن للاستكبار النفوذ من خلالها لتحقيق مآربه المشؤومة هو موضوع المرجعية، فهو يسعى جاهداً لأن تبقى بعيدة عن واقع الحياة وهموم المسلمين وتطلعاتهم. يقول الإمام قدس سره: "إن كل خوف الاستكبار هو أن يجد الفقه والاجتهاد بعده العيني والعملي، الأمر الذي يعطي المسلمين قدرة المواجهة".
ويقول أيضاً: "الفقه هو النظرية الواقعية والكاملة لإدارة الإنسان والمجتمع من المهد إلى اللحد" وعليه فإنه يتحتم على الفقيه والمرجع أن تتوفر فيه عناصر جديدة كسعة الاطلاع على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العالمية، والقدرة على تنقيح المواضيع الفقهية بما لها من روابط جديدة.
وإذا كان الهدف الأساس من الفقاهة والمرجعية هو حفظ الإسلام من التحريف والضياع، فلعمري كيف يكون ذلك دون الحفاظ على الحكومة الإلهية الممثلة للإسلام في إيران، ودون العمل على تقويتها ودعمها؟
وإذا كان الفقيه والمرجع نائباً للإمام المهدي أرواحنا لتراب مقدمه الفداء. وقائد حركة التمهيد والتوطئة لظهوره المبارك، فكيف يكون ذلك بإضعاف الجمهورية الإسلامية، وليعلم الجميع، كما يقول الإمام الخميني قدس سره أن الجمهورية الإسلامية لو هزمت لن يأتي نطام إسلامي آخر يرضى عنه بقية الله الأعظم، وسينزوي الإسلام عن الساحة وإلى الأبد.
كلمتنا الطيبة التي نوجهها للأمة، كل الأمة، أن تنضوي تحت لواء القيادة الحكيمة والمرجعية الرشيدة للقائد المعظم آية الله العظمى الخامنئي (دام ظله)، فإنه بما يتمتع به من مقام علمي شامخ. وموقع قيادي أساس للدفاع عن الإسلام، وبما يتمتع به من رؤية ثاقبة وبصيرة نافذة في المسائل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ونظرته الفقهية الشاملة لكل جوانب الحياة.. لهو خير من يمثل دور النائب الحقيقي لبقية الله الأعظم أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.