مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: فَبَشِّرْ عِبَادِ

السيد علي عباس الموسوي


يعيش الإنسان في هذه الدنيا مخاضات عديدة، بعضها مكتنف بالأحزان والآلام وبعضها بالفرح والسرور. ويتفاعل المحيط مع هذا الإنسان، ففي الأحزان يأتيه من يواسيه وفي الأفراح يأتيه من يهنئه ويبشّره.

والإسلام، وإن حثّنا على التعامل بواقعيّة مع هذه الأمور ورسم آداباً وسلوكيات لا بدّ أن تكون متّبعة في مثل هذه الحالات، ولكنه أمرنا أن ننظر إليها نظرة حقيقية وواقعية وأن لا نبالغ بها، فهي كلها ما دامت في هذه الدنيا فإنها محكومة بأحكامها وهي عابرة، لا تشكل -مهما كان حجمها ومدى تأثيرها- مصيراً نهائياً لهذا الإنسان.

وأراد الإسلام أن يوجّه نظر الإنسان إلى الآخرة، فالآخرة هي المصير الحتمي والنهائي له. والسعادة الحقيقية، والشقاء الأبدي مرتبطان بذلك العالم لا بهذه الدنيا.
ومن هنا، كانت البشرى الحقيقية لهذا الإنسان ترتبط بما سوف يلقاه من مصير أخروي، وتتعلّق ببعض ما يؤدّيه في هذه الدنيا من وظائف وما يلتزم به في قلبه.

يصف لنا القرآن الكريم أصحاب البشرى فيعدّد فيهم الخصائص التالية:

1 - اجتناب الطاغوت:

 فأصحاب البشرى هم الذين كان مسلكهم الاجتناب عن عبادة الطاغوت. ولا تنحصر عبادة الطاغوت بالركوع والسجود له، بل هي تشمل الطاعة له فيما يأمر وينهى. ولا ينحصر الطاغوت بالحاكم والسلطان، بل هو كل إنسان خرج عن طاعة الله عزَّ وجلّ فإنه يكون من أهل الطغيان ﴿فَأَمَّا مَن طَغَى(النازعات: 37). والقرآن الكريم عبّر بالاجتناب أي السعي لتحصين النفس بالابتعاد عن هؤلاء وعدم الاختلاط بهم.

2 - الإنابة إلى الله:

بعد أن يخلي الإنسان نفسه من التعلّق بأصحاب هذه الدنيا، عليه أن يدرك أن الرجوع لا بدّ وأن يكون إلى الله عزَّ وجلّ. وهذا يتم من خلال المعرفة الصحيحة بربِّ العزَّة والجلال، وأنّ الأمور كلها بيده، فمن أدرك ذلك كان رجوعه إلى الله عزَّ وجلّ حقيقياً. ولذا يكون رجوعه دائماً ومؤبّداً، خلافاً لأصحاب المعرفة الناقصة الذين يكون رجوعهم دائماً محدوداً ومردّداً.

3 - الاستماع وحسن الاتباع:

من خصائص أهل البشرى أنهم أهل تدبّر وتفكّر، فهم لا ينغلقون على أنفسهم، بل يعمدون للاستماع إلى ما يقال من حولهم، وهو أول مرحلة من المراحل التي تخطو بهم نحو معرفة الحق. فكثير من الناس يغفلون عن الحق لأنهم أصمّوا آذانهم، ومن ثم ينتقلون إلى مرحلة التدبّر والتفكّر فيما يقال، فلا يأخذونه كما هو، أو كما وافق هواهم فقط، بل لكي يتبيّنوا أحسن ما يقال، أي ما يتوافق مع الحق والصواب ومع ما يمليه إيمانهم واعتقادهم وبعد ذلك تأتي مرحلة الاتباع.

وعندما تجتمع هذه العناصر في الإنسان يصبح الإنسان من أهل هدى الله، فيكون مصداقاً لمن هداه الله، وهم أهل البشرى كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ  الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (الزمر: 18-17).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع