مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

حديث وقصة: أصحاب الأمير عليه السلام


ألا إنه قد أدبر من الدنيا ما كان مقبلاً، وأقبل منها ما كان مدبراً. وأزمع الترحال عبادُ الله الأخيار، وباعوا قليلاً من الدنيا لا يبقى بكثير من الآخرة لا يفنى.

ما ضر إخواننا الذين سفكت دماؤهم بصفين أن لا يكونوا أحياء؟ يُسيغون الغُصص ويشربون الرنق، قد والله لقوا الله فوافاهم أجورهم وأحلهم دار الأمن بعد خوفهم.
أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق.
أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟
وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية، وأُبرد برؤوسهم إلى الفجرة.

ثم ضرب بيده على لحيته الشريفة الكريمة فأطال البكاء، ثم قال: أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فاحكموه. وتدبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنة وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد، فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه.
ثم نادى بأعلى صوته: الجهاد الجهاد عبد الله! ألا وإني معسكر في يومي هذا فمن أراد الرواح إلى الله فليخرج.

هي قصة محزنة من حياة صاحب الأحزان الكبرى. يتلوها علينا في خطبته هذه التي كان يحث فيها الناس على الجهاد، ليقاتلوا معاوية الطاغية وحزبه حزب الشياطين.

وهي ليست بفريدة من نوعها فإن أمير المؤمنين وسيد المجاهدين بدأ حياته بالجهاد وقضاها مجاهداً. ولكن الملفت فيها بكاؤه - روحي فداه - ورثاؤه لأصحابه الذي قضوا وإخوانه الذين مضوا، يتحسر على فقدانهم بأعيانهم وصفاتهم.
أمير المؤمنين يبكي وهو يخطب... فما فعلوا به، وما هي الحالة التي وصل إليها المجتمع الإسلامي بحيث يقف خليفة المسلمين وقائدهم عاجزاً عن القضاء على تلك الطغمة المتمردة في الشام. هذا وهو يملك سلطة القرار والمال والأرض!.

لقد أورثوه مجتمعاً محباً للدنيا بعيداً عن المعنويات ومبادئ‏ الإسلام، لم يبق من الدين في نفسه إلا رسمه، فتراخت العزائم وثقلت الهمم وضعفت النفوس عن الجهاد.

فهو عليه السلام يرى شر معاوية وفساده ويريد أن يقتلعه وحزبه ليخلص الدين من شروره. والناس من حوله متثاقلون.

إذاً، لم تكن المشكلة الأساسية وجود معاوية، فإن لكل موسى فرعون، ولكن المشكلة كانت من الأتباع. ألم يكن أمير المؤمنين عليه السلام قادراً على التخلص من معاوية لوحده؟ ألم يكن قادراً على أن يزيل جيشه عن بكرة أبيه بنفسه؟
بلى، ولكن لانتفت الحجة وسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الأنباء، ولما وجب للقابلين أجور المبتلين ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين...

ومن هنا تبقى المشكلة الأساس فينا نحن الأتباع الذين بصلاحنا يمكن أن نغير الموازين... ولو نظرنا إلى تاريخ صدر الإسلام الأول لعرفنا أن الإسلام قام على يد أولئك المخلصين الذين وصفهم أمير المؤمنين بأنهم قراء القرآن والمتمسكين بالفرائض والأحكام الشرعية والواثقين بالقائد.

هي سنة الله في عباده وستبقى أبداً تخبرنا أن الأرض يرثها عباد الله الصالحون، وأن العاقبة للمتقين.

فلماذا نهمل الجوانب المعنوية، ونتألم من جانب آخر من تلك المظالم الكثيرة التي تصيبنا، والويلات العظيمة التي تقع على رؤوسنا من أعدائنا.

لماذا نكتفي بالإعداد المادي وننظر إلى قوة العدو نريد أن نقابلها بقوة مادية مثلها. ونضيع الهدف ولا نعرف أن الله تعالى إنما يبتلينا بعدونا لأجل أن نعود إليه تعالى. وليس المهم الانتصار في معركة الظاهر بل المهم أن نصل إلى ما وصل إليه أصحاب أمير المؤمنين الذين قضوا في سبيل الله.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع