أولو البأس | بنت جبيل لا تركع الشهيد على طريق القدس طلال أرسلان آخر الكلام | هذا شَرطي لتسدّد دَينك الافتتاحية | أمريكا فرعونُ العصر إلى كل القلوب | مقاومتنا روحها حسينيّة (2)* تسابيح جراح| "مستعدّون بجراحنا" الشهيد على طريق القدس محمّد محمود إرسلان وسائل التواصل: معركة الوعي في زمن التضليل مقابلة | حين يرتقي القائد لا تنتهي المقاومة بل تستمرّ بدمه تكنولوجيا | كيف نمنع هواتفنا من التنصّت علينا؟ (1)

آخر الكلام | هذا شَرطي لتسدّد دَينك

نهى عبد الله

يومها جلس منحني الكتفين، متحسّراً باكياً؛ لأنّ أمانةً ماليّة بقيمة كبيرة سُرقت منه من دون أن يشعر. بكى كثيراً أمام جاره الذي يعدّه في مقام جدّه، وهو الذي تيتّم باكراً. كان عمله الأوّل منذ تخرّجه باختصاص المحاسبة، ويخشى أن يثبت الآن أنّه ليس أهلاً للثقة والحرص.

حاول الجدّ –كما يدعوه- أن يخفّف عنه، ولكن دون جدوى، فالمبلغ كبير فوق قدرة الشابّ اليافع بكثير. اتّسعت حدقتا «الجدّ» فجأةً، فربت كتف الشابّ، ثمّ هاتف أحدهم. دقائق وحضر شابٌّ ثلاثينيّ طويل، قدّمه الجدّ للشابّ: «ابني (أبو زينب)، يتكفّل بالحلّ».

جلس أبو زينب بقرب الشابّ، وقال له بعد أن عرف مشكلته: «سنعالج الموضوع كالآتي: سجّل تفاصيل الحادثة وأبلغها للمعنيّين؛ ليتمكّنوا من معرفة السارق ومنع تكرار الحادثة. أمّا المبلغ فسأقرضك إيّاه، شرط أن تسدّده بأقساط بسيطة...». قاطعه الشابّ: «المبلغ كبير جدّاً، سيستغرق سداده سنوات، أستصبر عليّ؟». أجابه: «ابدأ بسداده، وسينتهي، لا عليك».

مضت ستّة أشهر. اتّفقا على اللقاء لسداد دفعة من الدَّين، فتباهى الشابّ ممازحاً: «نجحت هذه المرّة في صيانة الأمانة»، وقدّم المبلغ المدّخر له، ولكنّ أبا زينب فاجأه بطلب آخر: «لن آخذ المبلغ، لكن يجب أن تسدّد دَينك».

تصبّب العرق من جبين الشابّ الكادح، وبدأت الهواجس السوداء تغزو فكره. وضع أبو زينب كفّه على كتف الشابّ مطمئناً إيّاه: «اجمع الأقساط ليزيد المبلغ قليلاً، ثمّ فتّش عن شابّ كادح يعاني من ضائقة ماليّة دون أن يكون متساهلاً، أقرضه المبلغ واشترط عليه أن يساعد غيره عندما يوسّع الله عليه، بهذا تسدّد دَينك لي، ولا يقف الخير عندك. هكذا اشترط عليّ أحد الشهداء، وها أنا أسدّد دَيني له».

اليوم مضى أبو زينب شهيداً على طريق القدس.

أضيف في: | عدد المشاهدات: