مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة

السيّد عبّاس علي الموسويّ


يقول الإمام الصادق عليه السلام للمفضل بن عمر: "والله يا مفضل، كأنّي أنظر إليه دخل مكّة، وعليه بردة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى رأسه عمامة صفراء، وفي رجليه نعلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المخصوفة، وفي يده هراوته... حتّى يصل بها نحو البيت، ليس ثَمّ أحد يعرفه"(1).

* بدايات الفرج
وعنه عليه السلام أيضاً حين سأله الصراف: متى فرج شيعتكم؟ قال: "إذا اختلف ولد العبّاس ووهى سلطانهم وطمع فيهم من لم يكن يطمع فيهم، وخلعت العرب أعنتها، ورفع كلّ ذي صيصيّة صيصيّته، وظهر الشاميّ، وأقبل اليمانيّ، وتحرّك الحسنيّ، وخرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكّة بتراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقلت: ما تراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودرعه وعمامته، وبرده، وقضيبه، ورايته، ولامته، وسرجه، حتّى ينزل مكّة، فيُخرج السيف من غمده، ويلبس الدرع، وينشر الراية والبردة والعمامة، ويتناول القضيب بيده ويستأذن الله بالخروج، فيطلع على ذلك بعض مواليه، فيأتي الحسنيّ فيخبره الخبر، فيبتدر الحسنيّ إلى الخروج، فيثب عليه أهل مكّة فيقتلونه، ويبعثون برأسه إلى الشام"(2).

* خروج المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف في مكّة
يصل المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى مكّة متخفّياً، ويكون قد سبقه الحسنيّ الذي يُقتل ذبحاً بين الركن والمقام، فتغضب لقتله الأرض والسماء، ويبتدئ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بالظهور شيئاً فشيئاً بعد أن يأتيه أنصاره من كلّ أطراف الدنيا.

في العاشر من المحرّم، يعلن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف ظهوره للملأ بين الركن والمقام، ففي الحديث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "يقوم القائم يوم عاشوراء"(3). وعن الباقر عليه السلام: "يخرج القائم يوم السبت يوم عاشوراء، اليوم الذي قُتل فيه الحسين عليه السلام"(4). وعنه عليه السلام أيضاً: "كأنّي بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الركن والمقام بين يديه جبرائيل عليه السلام ينادي: البيعة لله، فيملؤها عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً"(5).

* النداء والبيعة
تتدخّل السماء في نصرة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، ويكون الأمين جبرائيل عليه السلام أوّل من يبايعه ويدعو إلى نصرته والانضمام إلى جيشه.

ففي الإرشاد للشيخ المفيد عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: "إذا أذن الله عزّ اسمه للقائم في الخروج، صعد المنبر، فدعا الناس إلى نفسه، وناشدهم بالله، ودعاهم إلى حقّه، وأن يسير فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعمل فيهم بعمله، فيبعث الله جلّ جلاله جبرائيل عليه السلام حتّى يأتيه، فينزل على الحطيم يقول له: إلى أيّ شيء تدعو؟ فيخبره القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف، فيقول جبرائيل عليه السلام: أنا أوّل من يبايعك، ابسط يدك، فيمسح على يده"(6).

* النداء الثاني في مكّة
عندما يستقرّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف في مكّة ويأذن الله له بالظهور العلنيّ، ينطلق النداء في الكون كلّه، فيسمعه الناس جميعاً ويصل مداه إلى الدنيا كلّها، وتقوم الحجّة على البشر كلّهم. يطلق جبرائيل عليه السلام بصوته الملائكيّ صيحة يعلن فيها ظهور المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، وأنّ على الخلق أن يتّبعوه ويسيروا معه وينصروه. عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام: "إنّ القائم لا يقوم حتّى ينادي منادٍ من السماء تسمع الفتاة في خدرها، ويسمع أهل المشرق والمغرب..."(7). وفي الرواية عن الباقر عليه السلام لجابر بن عبد الله يقول له: "والقائم رجل من ولد الحسين يُصلح الله له أمره في ليلة، فما أشكل على الناس من ذلك يا جابر، فلا يشكل عليهم ولادته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووراثته العلماء عالماً بعد عالم، فإن أشكل هذا كلّه عليهم فإنّ الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه وأمّه"(8).

وعنه عليه السلام أيضاً: "ينادي منادٍ من السماء باسم القائم، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلّا استيقظ ولا قائم إلّا قعد ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرائيل عليه السلام الروح الأمين"(9).

* خروج القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف والبيعة له
إذا خرج القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً، وأوّل ما ينطق به هذه الآية: ﴿بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، ثمّ يقول: "أنا بقيّة الله في أرضه، فإذا اجتمع إليه العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج، فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عزّ وجلّ من صنم وغيره إلّا وقعت فيه نار فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به"(10). وفي حديث آخر وتفصيلٍ أوفى وأكمل أنّه عندما ينفر المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف من المدينة إلى مكّة من أمام جيش يبعثه السفيانيّ، ويصل عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى مكّة وقد أسند ظهره إلى بيت الله الحرام مستجيراً به، ينادي: "يا أيّها الناس، إنّا نستنصر الله ومن أجابنا من الناس، وإنّا أهل بيت نبيّكم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن أولى الناس بالله وبمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم، فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجني في النبيّين فأنا أولى الناس بالنبيّين، أليس الله يقول في محكم كتابه: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (آل عمران: 34)؟
فأنا بقيّة من آدم، وذخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ألا ومن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا ومن حاجني في سُنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنا أولى الناس بسنّة رسول الله، فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لما بلّغ الشاهد منكم الغائب. وأسألكم بحقّ الله ورسوله وبحقّي فإنّ لي عليكم حقّ القربى من رسول الله إلّا أعنتمونا، ومنعتمونا ممّن يظلمنا، فقد أُخفنا وظُلمنا وطُردنا من ديارنا وأبنائنا وبُغي علينا، ودفعنا عن حقّنا فافترى أهل الباطل علينا. فالله الله فينا لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله". فيجمع الله عليه أصحابه ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً، ويجمعهم الله على غير ميعاد قزعاً(11) كقزع الخريف. وهي يا جابر الآية ذكرها الله في كتابه: ﴿أيْنَما مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (البقرة: 148). فيبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد توارثته الأبناء عن الآباء"(12).

يطلق الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف نداءه للعالم أنّه المهديّ المخلّص، ويدعو الناس إلى بيعته، فيستجيب له الطيّبون واحداً بعد آخر وجماعة بعد أخرى، وهكذا.
 

1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 53، ص 6.
2- المصدر نفسه، ج 52، ص 301.
3- الغيبة، النعماني، ص 291.
4- بحار الأنوار، مصدر سابق، ج 52، ص 285.
5- المصدر نفسه، ج 52، ص 290.
6- الإرشاد، الشيخ المفيد، ج 2، ص 382.
7- بحار الأنوار، مصدر سابق، ج 52، ص 285.
8- المصدر نفسه، ج 52، ص 239.
9- المصدر نفسه، ج 52، ص 230.
10- المصدر نفسه، ج 52، ص 192.
11- قزعاً: القزع هي قطع السحاب المتفرّقة.
12- المصدر نفسه، ج 52، ص 238-239.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع