مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

حين تزفُّ السماءُ نبأ الظهور(1)*

السيّد عبّاس عليّ الموسويّ


 إنّ الله الذي ادّخر المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف لمهمّة تحرير العالم من الظلم، هو الذي يعرف وقت ظهوره، فيلقي في قلبه هذا التوقيت، ويأمره بالخروج والظهور والإعلان عن شخصه، ويعرّفه زمانه بالتحديد، فيبادر عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى تجسيد الحقيقة وبداية الملحمة التي تكون بعدها الانتصارات الكبرى.

* النكت في القلب
لقد أوضحت الأحاديث هذا المعنى، ففي الكافي عن أبي الحسن الأوّل موسى عليه السلام قال: «مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه: ماض وغابر وحادث؛ فأمّا الماضي ففسّر، وأمّا الغابر فمزبور، وأمّا الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع، وهو أفضل علمنا ولا نبيّ بعد نبيّنا»(1).

والنكت في القلب فسّرته الأخبار بالإلهام، وكذلك الحديث الذي يرويه المفضل بن عمر قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر، جاءنا عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام أنّه قال: «إنّ علمنا غابر ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الأسماع، فقال عليه السلام: أمّا الغابر فما تقدّم من علمنا، وأمّا المزبور فما يأتينا، وأمّا النكت في القلوب فإلهام، وأمّا النقر في الأسماع فأمر الملك»(2). فهذا طريق من الطرق التي يتلقّى فيها كلّ إمام، ومنهم المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، علومه، مضافاً إلى ما يأخذه من آبائه ابتداء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانتهاء بالإمام الذي قبله، بحيث تُنقل إليه الأخبار وكلّ العلوم والمعارف.

ويمكن أن نقول، لو قطعنا النظر عمّا تقدم: إنّ الذي عاش هذه المدّة -مئات السنين- في وسط المجتمعات، وخبر الحياة عن قُرب، وأحاط معرفة بالمجتمعات، قيادات وأفراداً وأنظمة وحكومات، فإنّه يقف بنفسه على الظروف المناسبة من جميع الجهات التي تحقّق أغراضه في إقامة حكم الإسلام، وبسط العدل، ورفع الجَور، وكلّ الأهداف والغايات التي ادّخره الله لتحقيقها فى الأرض، فيعلم من خلال ذلك أنّ وقت ظهوره قد حان فيعلن عنه، ويطلق صرخته المدوّية التي تصل إلى كلّ أذن وتطير على كلّ لسان.

* نبأ الخروج
تزفّ السماء إلى أهل الأرض والسماء نبأ ظهور المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف وبداية حركته المباركة، ويكون ذلك في الثالث والعشرين من شهر رمضان، حيث يتولّى الأمين جبرائيل عليه السلام إذاعة النبأ. وفي ليلة جمعة مباركة ينادي باسم القائم واسم أبيه فيعيّنه بشخصه قائلاً: «ألا إنّ فلان ابن فلان قائم آل محمّد فاسمعوا له وأطيعوا»، فلا يبقى شيء من خلق الله فيه روح إلّا سمع الصيحة؛ فيسمع ما بين المشرق والمغرب، ولا يبقى راقد إلّا قام ولا قائم إلّا قعد، ولا قاعد إلّا قام على رجليه من ذلك الصوت. إنّها فزعة توقظ النائم وتفزع اليقظان وتخرج الفتاة من خدرها، ويسمعه كلّ قوم بلسانهم، فينادي باسم القائم. عندما يطلق جبرائيل عليه السلام نداءه بظهور المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، يكون الإمام في محلّ إقامته في المدينة. وبعد أن ينتشر نبؤه في الآفاق، يأخذ الناس في الحديث عنه، وتتداوله وسائل الإعلام العالميّ وتتحدّث عنه ويصبح شغلها ومحلّ اهتمامها، ويعيش المؤمنون به حالة رجاء وأمل، يترقّبون أمره وما يصدر عنه. ثمّ بعد أن يأذن الله له بالظهور، يبتدئ حركته في المدينة بالتواصل مع أصحابه ورسم الخطط الناجعة لنجاح نهضته.

ومن لطيف ما قرأت، روايات في كتاب العرف الورديّ في أخبار المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف للسيوطي الشافعي، ينقل ما نصّه: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يخرج المهديّ وعلى رأسه غمامة فيها مناد ينادي: هذا المهديّ خليفة الله فاتّبعوه»(3). وفي رواية أخرى عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يخرج المهديّ وعلى رأسه ملك ينادي إنّ هذا المهديّ فاتّبعوه»(4).

* التحضير لمواجهة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف
يخاف الأعداء ظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ويرصدونه، ويصل نبأه إلى السفيانيّ الذي أصبح مالكاً للشام. وهو يرجع بنسبه إلى آل أبي سفيان، وهو شخص حاقد، شرس، مجرم من الطراز الأوّل، أخبث الناس، لم يعبد الله قطّ، لم يعرف مكّة ولا المدينة، ولديه القوّة والقدرة على مواجهة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف.

عندما يصل إليه نبأ خروج القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف ويعرف أنّه في المدينة، يجهّز جيشاً ويرسله للقبض على الإمام أو قتله. لكنّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف يخرج من المدينة قاصداً مكّة مع أصحابه.

يدخل جيش السفيانيّ المدينة فيعيث فيها فساداً وظلماً وقتلاً، وهمّه أن يقبض على المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف أو يقتله.

يقول الإمام الباقرعليه السلام في الحديث: «ويظهر السفيانيّ ومن معه حتّى لا يكون له همّة إلّا آل محمّد وشيعتهم، فيبعث بعثاً إلى الكوفة، فيُصاب أناسٌ من شيعة آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بالكوفة قتلاً وصلباً (...) ويبعث بعثاً إلى المدينة فيقتل بها رجلاً (...) ويؤخذ آل محمّد صغيرهم وكبيرهم، لا يُترك منهم أحد إلّا حُبس، ويخرج المهديّ منها (...) حتى يقدم مكة، ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء خسف بهم فلا يفلت منهم إلا مخبر»(5).

وفي العدد القادم نتحدّث عن حركة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في مكّة أثناء ظهوره المبارك.

(*) مقتبس من كتاب: المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف عدالة السماء، ص 133 - 136.
(1) الكافي، الشيخ الكليني، ج 1، ص 264.
(2) المصدر نفسه.
(3) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 36، ص 369.
(4) المصدر نفسه، ج 36، ص 370.
(5) المصدر نفسه، ج 52، ص 223.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع