مهداة للشهيد علي عباس دهيني(*)
حين لاح طيفه من بين الجموع، ساد البلدة صمت غريب.. فعليّ أتى... ولكن هذه المرّة، ليس وحده!!
هي عظمة تلك المواكب الملائكيّة التي زفّتك شهيداً إلينا يا عليّ، أرهبتنا.. فارتبكنا.. لم ندرِ حينها أنبكي أم نفرح، فاختلطت دموعنا بزغرداتنا، وامتزجت بسماتنا برجفاتنا. أجل، ضعنا في ذلك النعش الذي ضمك.. ورائحة الكرامة التي فاحت بأرجاء البلدة.. أثملتنا.
أيّها الزّاهد في الدنيا والرّاغب في الآخرة.. لبّيت نداء الحسين، وكنت لزينب حمى إذ لا عباس لها ولا أكبر وكما أحسنت الظّن به، أحسن بك المصير ولم يكافئك بأقل من جواره.. فاختارك وأنت في ساحات الوفاء تنشد ألفاظ الوصال الحقيقي باشتياق غريب واطمئنان صادق.
علّمنا يا عليّ.. كيف يتّصل عشق السماء بعشق الأرض؟
علّمنا كيف يمسي العرق مسكاً يفوح؟ والدم ماءً للوضوء؟
فقد ارتويت أنت وما زلنا ظمأى..
نتذكّرك، لأنك المساحة الكبرى في ذاكرتنا، فمثلك يا عليّ لا يموت، بل يرقد في القلب.. وفي الوجدان.. أبجدية عشق، وأيقونة صلاة..
مروى حسين الدُّر
(*) الذي استشهد دفاعاً عن المقدسات في 19/5/2013م.