لا شكّ في أنّ تشكيل قوّات التعبئة الشعبيّة في نظام الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، كان من البركات والألطاف الإلهيّة التي منّ بها الله سبحانه على هذا الشعب العزيز.
* شجرة طيّبة
في خضمّ الأحداث المختلفة التي أعقبت انتصار الثورة، ولا سيّما الحرب المفروضة، نهضت المؤسّسات والفصائل المختلفة بمهمّة الدفاع عن البلد وصيانة الثورة الإسلاميّة، متفانيةً في الإيثار والتضحية والإخلاص والاندفاع نحو الشهادة. ولكن إذا أردنا حقّاً طرح مصداق متكامل للإيثار والتضحية والإخلاص وعشق الإسلام وذات الحقّ المقدّسة، فليس ثمّة أصدق من قوّات التعبئة والتعبويّين.
التعبئة شجرة طيّبة ونافعة ومثمرة يفوح من براعمها عبير ربيع الوصال وطراوة اليقين. هي مدرسة العشق ومذهب الشاهدين والشهداء المجهولين، وميقات الحفاة ومعراج الفكر الإسلاميّ الطاهر، ولواء الله المخلص الذي وقّع بيان تأسيسه جميع المجاهدين من الأوّلين إلى الآخرين.
* البلد العزيز شعبه تعبويّ
يجب أن لا نغفل لحظة واحدة عن كيد الأعداء؛ لذلك، لا بدّ من التسلّح بسلاح الصبر والإيمان الفولاذيّ؛ لتحطيم الأعاصير وأمواج الفتن، والتصدّي لسيل الآفات. إنّ الشعب الذي يحثّ الخطى على نهج الإسلام المحمّديّ الأصيل ويناهض الاستكبار وعبادة المال والتحجّر والقداسة الزائفة، يجب أن يكون جميع أبنائه من التعبويّين، وأن يحرصوا على تعلّم فنون القتال، فالشعب العزيز والقويّ هو الذي تتحلّى الغالبيّة من أبنائه بالاستعداد العسكريّ المناسب لمواجهة المخاطر في اللحظات العصيبة؛ فإذا ما خيّمت أجواء الفكر التعبويّ المؤنس على بلد ما، سيكون مصاناً من أطماع الأعداء والناهبين الدوليّين. ولهذا، يتحتّم على التعبئة مواصلة نشاطها كما في السابق بقوّة واطمئنان.
* التعبويّون في الجامعة والحوزة
إنّ أكثر التشكيلات التعبويّة ضرورةً اليوم هو تشكيل طلبة الجامعات والعلوم الدينيّة. من واجبهم الدفاع بكلّ قوّة عن الثورة والإسلام انطلاقاً من مواقعهم، وينبغي لأبنائي التعبويّين أن يكونوا الحارس الأمين للمبدأ الخالد «لا شرقيّة ولا غربيّة».
إنّ الجامعة والحوزة بحاجة اليوم إلى مزيدٍ من الاتّحاد أكثر من أيّ موقع آخر. وإنّ التعبئة وحدها القادرة على تحقيق هذا الأمر المهمّ. كما أنّ التوجيه العقديّ لعناصرها يقع على عاتق الحوزة العلميّة والجامعة، إذ ينبغي لهما وضع الأطر الأصيلة للإسلام المحمّديّ تحت تصرّف هؤلاء الإخوان.
* المهمّة لم تنتهِ بعد
كما يجب على تعبويّي العالم الإسلاميّ التفكير بتشكيل الحكومة الإسلاميّة الكبرى، وعليه، يجب أن تعلموا بأنّ مهمّتكم لم تنتهِ بعد، فالثورة الإسلاميّة العالميّة بحاجة إلى تضحياتكم، حينها يتمكّن المسؤولون من إثبات أن تحقيق الحياة الكريمة المقرونة بالسلام والحريّة أمرٌ ممكنٌ، بمعزل عن كلّ أعداء الأمّة. وإنّ حضوركم في ميادين الصراع يؤدّي إلى اجتثاث الجذور المعادية للثورة في مختلف المجالات.
* أنصار الإسلام
إنّني أقبّل أياديكم فرداً فرداً أنتم طلائع التحرّر، وأطلب من الله تعالى أن يحشرني مع أحبّائي التعبويّين، وأنا أفخر دائماً بإخلاصهم وصدقهم، وأكثر ما أفخر به في هذه الدنيا، هو أنّي واحدٌ منهم. وأتقدّم بالشكر لقوّات التعبئة كافّة، ولا سيّما قادتهم الأعزّاء، ولن أنسى صالح الدعاء لأبناء الإسلام الأوفياء هؤلاء. وأسأل الله تعالى أن يمنّ على شهداء التعبئة المجهولين بنعمة مجاورة أهل البيت عليهم السلام، وأن يضاعف كلّ يوم من عظمة هذا الوجود الشعبيّ المقدّس وشوكته، فهؤلاء هم أنصار الإسلام العزيز، وأعوان حضرة بقيّة الله الأعظم عجل الله تعالى فرجه الشريف. والسلام عليكم ورحمة الله.
*خطاب الإمام الخمينيّ قدس سره في تأسيس التعبئة، بتاريخ 25/11/1979م، 5 محرّم 1400هـ في قمّ المقدّسة.