إنّ يوم عاشوراء في ذروة الأهميّة. وإن هذه الأربعين يوماً بين عاشوراء والأربعين هي من المراحل المهمّة جدّاً في تاريخ الإسلام. وإذا كان يوم عاشوراء ذروة المجاهَدة المقرونة بالتضحية بالنفس، وبالأعزّاء والأبناء والأصحاب؛ فإنّ هذه الأربعين يوماً ذروة المجاهَدة المصحوبة بالتبيين والكشف والتوضيح.
لو لم تكن هذه الأربعون يوماً، ولولا وجود الحركة العظيمة لزينب الكبرى والسيّدة أم كلثوم والإمام السجّاد عليهم السلام؛ لربّما كانت عبارة "ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة"(1) لم تتحقّق.
* التبيين في وجه مؤامرات العدوّ
لقد كانت هذه الحركة العظيمة، وهذا الصبر الفائق لآل الرسول عليهم السلام بقيادة زينب الكبرى والإمام السجّاد عليهما السلام، سبباً لتخليد واقعة كربلاء، وكان هذا التبيين مكمّلاً لتلك التضحية بالمعنى الحقيقيّ للكلمة.
سأستخدم هذه الجملة للتعبير عن هذه القضية، أي أنتم، أيّها الشباب والطلاب الأعزّاء، وأنتم حقيقةً ثمرة قلب الشعب والأمل لمستقبل هذا البلد، أَوْلوا أهميّة لقضيّة "التبيين".
ثمّة حقائق كثيرة ينبغي تبيينها. في مواجهة هذه الحركة المضلّلة التي تتدفّق من مائة اتّجاه نحو الشعب الإيرانيّ، وتؤثّر في الرأي العام -هذا أحد الأهداف الكبيرة لأعداء إيران والإسلام والثورة الإسلاميّة– وتؤدّي إلى إبقاء الأفكار ملتبسة، وتترك أذهان الناس -وخاصّة الشباب- في تخبّط، فإنّ حركة التبيين تحبط مؤامرة العدوّ وحركته.
* التبيين في الفضاء المجازيّ بأخلاق
التبيين بمنزلة الواجب. عليكم أن تنيروا ما حولكم كالمصباح والنور. اليوم، لحسن الحظّ، الميدان مفتوح لنشر الأفكار. هذا الفضاء العام، إضافة إلى المشكلات التي قد يسبّبها، له أيضاً بركات كبيرة. يمكنكم نشر الأفكار الصائبة والصحيحة، والإجابة عن الإشكالات والإبهامات المختَلَقة في هذا الفضاء.
بالطبع، إنّ المبدأ الحاسم في هذا الشأن هو ضرورة اتّباع نهج أخلاقيّ في أداء هذا العمل. علينا أن نجتنب بشدّة ما يفعله بعضهم في الفضاء المجازيّ أو المطبوعات والمقالات هنا وهناك، من مواجهة للرأي العام بالسّباب والافتراء والخداع والكذب.
لا بدّ من نشر الحقائق بمنطق قويّ وخطاب متين وعقلانيّة تامّة، مع تزيينه بالعاطفة والمشاعر الإنسانيّة والأخلاق الحسنة. علينا جميعاً اليوم أن نتحرّك في هذا الميدان. كلّ واحد بطريقةٍ، وبالسَّهم الذي لدينا.
* كالسيّدة زينب عليها السلام
إنّ شبابنا مجهّزون اليوم، بحمد الله، بالفكر والعقلانيّة والوعي الكبير، ويمكنهم بذل الكثير في هذه المجالات. أعدّوا أنفسكم، وعزّزوا تلك الوسائل داخلكم، وجهّزوا أنفسكم حقّ تجهيز وادخلوا هذا الميدان، ميدان التبيين والكشف، أي الطريق الذي سلكته زينب الكبرى عليها السلام في هذه الأربعين يوماً.
عظمة هذه الأيّام الأربعين تعود إلى ما فعلته السيدة زينب والإمام السجّاد عليهما السلام والبقيّة الذين كانوا من حولهما، وتحمّلوا المشقّات. وإذا أردنا التحدّث بلغة العزاء، ففي الحقيقة جاءت زينب الكبرى عليها السلام يوم الأربعين وقدّمت إلى الإمام الحسين عليه السلام تقرير العمل: إنّنا فعلنا هذه الأعمال وذهبنا بهذا النحو، وتحمّلنا مثل كذا، وعبّرنا وبيّنا بهذه الطريقة.
* الطريق الصحيح
أرجو أن يوفقّكم الله تعالى جميعاً إن شاء الله. نهج الإمام الحسين عليه السلام نهجٌ مبارك، نهجٌ عذب وموفّق ويصل إلى نتيجة حتميّة. وسوف تتمكّنون إن شاء الله، بالاستلهام من الحركة الحسينيّة والاستفادة من المعارف الحسينيّة؛ من إيصال هذا البلد إلى قمم السعادة، السعادة المعنويّة والماديّة أيضاً. هذا هو الطريق فعلاً. الطريق الصحيح هو التحرّك في شعاع نور التوجيهات الحسينيّة وأئمّة الهدى عليهم السلام والقرآن والعترة.
(*) كلمة الإمام الخامنئيّ دام ظله في لقاء ممثّلي الهيئات الطالبيّة الجامعيّة بتاريخ 27/9/2021م.
(1) الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 6، ص 113.