الشيخ محمود كرنيب
قبل الحديث عن أسباب خلق الله تعالى للشيطان، لا بدّ من ذكر الآية الكريمة: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: 56).
من هذا المنطلق، إنّ إرادة الله تعالى، التي تعلّقت بخلق الإنسان ليتكامل بعبادته، هي بنفسها تعلّقت بوجود الجنّ، الذي منه الشيطان؛ فأصل وجود أيّ مخلوق لنفسه ولغيره خير.
بناءً على ما سبق، نذكر الأسباب:
1. كان الشيطان بدايةً من ملائكة الله المقرّبين، مع أنّه ليس من جنسهم، حتّى غدا طاووس الملائكة.
2. لم يخلق الله الشيطان شرّيراً، بل خلقه مستعدّاً وقابلاً للتكامل، لكنّه بقدر ما كانت له قابليّةٌ للتكامل، كان له استعداد للكفر والعصيان. وجعل الله تعالى على عهدته سلوك طريق من طريقين تماماً كالإنسان، وهو بحكم إرادته الحرّة مسؤول عن أعماله.
3. إنّ وجود الشيطان نفسه ليس سلبيّاً، لا لنفسه ولا لبني آدم، بل إيجابيّ، وسبب تسلّطه علينا هو ضعفنا أمام الشهوات والأهواء. بالتالي، فإنّ وجوده، من جهة، اختبار وامتحان لنا، ومن جهة أخرى، نتعرّف من خلاله إلى أمراضنا النفسيّة والروحيّة والأخلاقيّة.
وعليه، يكون وجود الشيطان لنفسه فرصة له ليتكامل؛ لكنه هو اختار العصيان والتكبّر، ومن جهة وجوده لغيره، فهو اختبار كبير.