مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نهج الرسول: ليلة الغفران

 


عن رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ قامَ ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً، غفرَ اللهُ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِه"(1).


إنّها ليلةُ النفحاتِ الإلهيّةِ التي فتحَهَا اللهُ لعبادِه؛ ليُعيدوا صِلةَ ما انقطع، وليتوجّهوا إليه بكيانِهم وجوارحِهِم. فهي ليلةُ القدرِ؛ أي ذاتَ الشرفِ والمكانةِ والدرجة، وهي ليلةُ القدر؛ لأنّه يُقَدَّرُ فيها ما يكونُ في تلك السَّنة، فيُكتَبُ فيها ما سيجري في ذلك العام، وهي ليلةُ القدر؛ لأنَّ العبادةَ فيها ذاتُ قَدَرٍ عظيم، فكانت ثمرتُها مغفرةَ ما تقدَّمَ من الذنوب. ونهج المؤمنين وديدنهم اقتناص الفرص كما يوضح حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. وإذا أردنا تأمّل إشارات هذا الحديث الشريف، سنجد فوائد جمّة تميّز ليلة القدر، وتدفع المؤمن لاغتنامها كلّ عام:

1. قام إيماناً: إنّنا نؤمن أنّها: 

أ. ليلةُ شفاءِ الأرواحِ من داءِ المعاصي: حيث يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ دام ظله: "هي ليلةُ السِلمِ والسّلامةِ المعنويّةِ: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ (القدر: 5)، ليلةُ شفاءِ القلوبِ والأرواح، ليلةُ الشّفاءِ من الأسقامِ الأخلاقيّةِ، والأسقامِ المعنويّة، والأسقامِ الماديّةِ، والأسقامِ العامّةِ والاجتماعيّةِ كافّة، التي -مع الأسف- ابتُليَتْ بها العديدُ من شعوبِ العالَم، مِن ضمنِها الشّعوبُ المسلمة! الشّفاءُ مِن هذه الأمورِ كلِّها ممكنٌ وميسَّر؛ بشرطِ أن تدخلوا حريمَ ليلةِ القدرِ بجاهزيّةٍ معنويّةٍ عالية".

ب. ليلةُ عروجِ المؤمنين وارتقائهم: يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ دام ظله: "علينا أن نكونَ مفعَمينَ بالأمل، وأن ندعوَ ونجهدَ مِن أجلِ أن تُحقِّقَ ليالي القدرِ هذه عروجاً معنويّاً لنا؛ لأنَّ الصلاةَ معراج المؤمن وسبيلُ عروجِه. الدعاءُ أيضاً معراجُ المؤمن، وكذلك ليلةُ القدرِ. فلنعملْ ما يخوِّلُنا العروج".

ج. ليلةُ التدبُّر: إنّ ألفاظ الدّعاءِ ألفاظٌ فصيحةٌ وجميلة، لكنّ معانيها معانٍ رفيعة على الإنسان أن يدركها. وإنّ أفضلَ الكلماتِ والطّلباتِ موجودةٌ في هذه الأدعية التي نقرأها في ليالي شهرِ رمضانَ وفي ليالي الإحياءِ، مثل دعاءِ أبي حمزةَ الثماليّ، وأدعيةِ ليالي القدر.

2. قام احتساباً:

ماذا نحتسب في ليلة القدر؟ ثمّة أجرٌ وعدنا به، ومغفرة ورحمة واستجابة دعاء وطلب، لذلك، هي ليلة الدعاء والإلحاح وتعلّم الوقوف في مقام العبد الذي يستنجد بربّه، ويسأله بإلحاح الملحّين. يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ دام ظله: "أفضلُ أعمالِ هذه الليلةِ هو الدّعاء. هدفُ الإحياءِ هو الدّعاءُ والتوسّلُ والذّكر. الصلاةُ أيضاً -والّتي هي أحدُ المستحبّاتِ في ليالي القدر- هي في الحقيقةِ تجلٍّ للذكرِ والدعاء. جاء في الحديثِ أنّ الدّعاءَ "مخُّ العبادة"، أو روحُ العبادةِ وَفْقَ تعبيرِنا. ماذا يعني الدعاء؟ يعني الحديثَ معَ اللهِ عزَّ وجلّ؛ هو في الحقيقةِ استشعارُ اللهِ مِن قُرب، ومشاركةُ حديثِ القلبِ مَعَه. الدّعاءُ هو إمّا طلبٌ، أو حمْدٌ وتمجيد، أو إعلانٌ عنِ المحبّةِ والودّ؛ هذه الأمورُ كلُّها دعاء".

3. غفر الله له ما تقدّم من ذنبه:

هي إعادة ولادة الإنسان نقيّاً خالياً من ترسّبات الماضي، ويبقى المستقبل فرصةً جديدةً. تهبنا ليلة القدر صفحة بيضاء في كتاب أعمالنا، فيما تعطينا فرصةً أخرى لملئها واغتنامها. يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ دام ظله: "انظروا إلى حاجاتِكم، حاجاتِ المسلمين، حاجاتِ بلدِكم، حاجاتِ إخوانِكُمُ المؤمنين؛ إلى المرضى، إلى الجرحى، إلى مَن يحملونَ الآلام، إلى القلوبِ الكئيبة، إلى العيونِ المترقّبةِ والقلِقة، إلى حاجاتِ مَن حولَكم المتعدّدة، مَن يجلسونَ معكم تحت سقفٍ واحد، ومَن هم معكم في بلدٍ واحد، إلى الموجودينَ في العالمِ الإسلاميّ، إلى مَن هم على هذه الكرةِ الأرضيّة. اطلُبوا جميعَ هذه الحاجاتِ، كُلّاً على حِدة، مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، في ليالي القدرِ هذه". كما ينبّه على: "اذكروا وليَّ العصرِ والزمانِ (أرواحُنا فداه)؛ اذهبوا إلى بيتِ الله، واحصلوا على مطالبِكم مِن اللهِ عزَّ وجلَّ ببركةِ صاحبِ العصرِ والزّمان عجل الله تعالى فرجه الشريف".

1. الشيخ الطبرسي، مستدرك الوسائل، ج 7، ص 458.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع