الشيخ أكرم بركات
* ما قبل التربية المباشرة
إن الأمور التي تؤثر في بناء الولد الصالح يمكن تقسيمها إلى نوعين نوع يسبق التربية المباشرة، من قبيل اختيار الزوج والزوجة، وما يتعلق بآداب العلاقة الخاصة بينهما، ومن قبيل الغذاء أيام الحمل، والآذان والإقامة عند الولادة، والرضاع، واختيار اسم المولود، وهذا ما ذكرناه في الحلقتين السابقتين.
وها هنا نكمل الحديث عن هذا النوع قبل الانتقال إلى الأمور التي تتعلق بالتربية المباشرة.
* تحنيك الولد
ورد في الأحاديث استحباب تحنيك المولود وأن لتحنيكه أثر على صلاحه في المستقبل، والتحنيك إدخال شيء وإيصاله إلى حنكه وهو أعلى داخل الفم، أما ما يحنَّك به فهو التالي:
1 ـ ماء الفرات، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "ما أظن أحداً يُحنَّك بماء الفرات إلا أحبَّنا أهل البيت".
2 ـ تربة قبر الإمام الحسين عليه السلام: فعن الإمام الصادق عليه السلام، "حنكوا أولادكم بتربة الحسين عليه السلام فإنه أمان".
3 ـ التمر فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "حنكوا أولادكم بالتمر، فكذا فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بالحسن والحسين عليه السلام".
4 ـ العمل ففي فقه الرضا عليه السلام: "وحنّكه بماء الفرات إن قدرت عليه، أو بالعسل ساعة يولد".
* العقيقة:
أكَّدت أحاديث أهل بيت العصمة صلى الله عليه وآله وسلم على استحباب ذبح الكبش في اليوم السابع، وأن يكون الكبش ذكراً إن كان المولود ذكراً، وأنثى إن كانت أنثى، وأن تُطعم القابلة جزء من العقيقة، هي الرِّجل بالورك وتوزع بقيّتها إلى المؤمنين من جيران وغيرهم وأقلّهم عشرة أشخاص دون أن يأكل من هذه العقيقة الأب والأم وبقية العيال.
ورُويَ استحباب دعاء خاص عند الذبح يشير إلى علاقة ذلك بدرأ الشيطان عن الولد وابتعاده عنه، فقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام قوله: "إذا وُلِدَ لأحدكم فكان يوم السابع فليعق عنه كبشاً وأطعموا القابلة من العقيقة الرِّجل بالورك..." فإذا ذبحت فقل:
"بسم اللَّه وباللَّه والحمد للَّه واللَّه أكبر إيماناً باللَّه وثناء على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وشكراً لرزق اللَّه وعصمة يأمر اللَّه ومعرفة بفضله علينا أهل البيت".
فإن كان ذكراً فقل:
"اللهم أنت وهبت لنا ذكراً، وأنت أعلم بما وهبت لنا، ومنك ما أعطيت ولك ما صنعنا فتقبَّله منا على سنتك وسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وأخسأ عنه الشيطان الرجيم، لك سفكت الدماء لا شريك لك، الحمد للَّه رب العالمين".
وفي حديث آخر أن يزاد على هذا الدعاء: "اللهم لحمها بلحمه ودمها بدمه، وعظمها بعظمه، وشعرها بشعره، وجلدها بجلده، اللهم اجلها وقاءً لفلان بن فلان".
ولعلَّ هذه التتمة تتعلق بالأحاديث المكرَّرة على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم. كما يُلاحظ المتتبع. والتي منها حديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "كان امرىءٍ مرتهن بعقيقته".
* حلق الرأس والتصدق بوزنه
ومما ورد أيضاً من مستحبات اليوم السبع على الولادة هو حلق رأس الولد والتصدق بوزنه ذهباً أو فضة.
ففي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: وتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضة وعنه عليه السلام: "... يوزن شعره بعدما يجفَّف بفضة ويتصدق به، كل ذلك يوم السابع".
* ختان الصبي
وأيضاً ورد في اليوم السابع استحباب ختان الصبي وأن له أثراً في طهور جسده، فعن الإمام علي عليه السلام: "اختنوا أولادكم يوم السابع لا يمنعكم حرّ ولا برد، فإنه طهور للجسد، وأن لأرض لتضج إلى اللَّه تعالى من بول الأغلف"، ولعله لأجل هذا درج تعبير العامة عن الختان بأنه "تطهير".
ويظهر من الدعاء الوارد عند الختان أنه قد يكون له أثر معنوي في مستقبل الولد ففيه ـ كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام.
"اللهمَّ هذه سنتك وسنّة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم، وأتباع منَّا لك ولدينك بمشيئتك وبإرادتك لأمر أردته وقضاء حتمته وأمر أنفذته فأذقته حرّ الحديد في ختانه وحجامته لأمر أن أعرف به مني، اللهمَّ فطهِّره من الذنوب، وزد في عمره، وادفع الآفات عن بدنه والأوجاع عن جسمه، وزده من الغنى وادفع عنه الفقر، فإنك تعلم ولا نعلم".