صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

أنتم تجيبون: ما هو شكل الحكم الأمثل في الإسلام؟

هناء مصطفى إسماعيل


كانت الإجابات متقاربة للأخوة والأخوات المشاركين، وقد اخترنا منها مقالة الأخت هناء مصطفى إسماعيل وهي التالية:
إن البحث حول شكل الحكم الأمثل في الإسلام وإدارة المجتمع ينبغي أن ينطلق من الرؤية الكونية الشاملة للإسلام.
هذه الرؤية الكونية لكل الوجود تثبت أن هذا الوجود بأسره يدور حول محور الإله في عبودية تكوينية قهرية، لا يعزى عنها مثقال ذرة في السماوات والأرض. وقد جعل الإله القدير الإنسان متميزاً بالاختيار والوعي والقدرة على اكتشاف حقيقة الوجود والسعي نحوه.
انطلاقاً من هذا المقام وَجَبَ عليه أن يدخل في عبودية تشريعية اختيارية لينال كماله الذي لا يضاهيه أي كمال.
فالحكومة شأن إلهي وبتعبير القرآن المجيد أمر رباني لا دخل للإنسان فيه إلاَّ فيما حدَّد الله سبحانه. وإذا كان على المجتمع أن يكون إلهياً يعيش أفراده في عبادة الله حقاً، لا بدَّ أن يتحرك في برامجه وسياساته وفق إرادة المولى عز وجل، وذلك بحكم ربوبيته المطلقة. لا يعقل أن يترك هذا الشأن المصيري الذي يرتبط بكل حياة الإنسان دون برامج محدّدة بدقة.

ولأن فهم هذه البرامج أو الأحكام السياسية بشكل واسع، وشامل ودقيق لا يتحقق إلاَّ بمعرفة الشريعة الإلهية وفهم الفقه الإسلامي من جميع أبعاده ومضامينه.
في هذا السياق نصل إلى اعتقاد الإمام الخميني المفدّى الذي يقول فيه: "إن الحكومة هي الفلسفة العملية للفقه الواقعي بكل أبعاده". وإن الإسلام دين الحكومة والشريعة جاءت لتكون دولة.
أيضاً من هذا المنطلق نرى بأن الحكومة الإسلامية هي: "حكومة القانون الإلهي على الناس" وذلك باعتبار أن الحكومة الإسلامية امتداد لحاكمية الله.
وإن الغاية من القانون هي إقامة وتطبيق الأنظمة الاجتماعية العادلة، بهدف تربية الإنسان المهذَّب، فلقد كانت الوظيفة المهمة للأنبياء (عليهم السلام) هي تطبيق الأحكام والإشراف وإدارة الحكومة.

لذا فإن وجود الحكومة يعتبر من الحكمة الدائمة والسنن الإلهية التي لا تقبل التغيير، وبناءً عليه فهناك ضرورة قصوى لوجود ولي للأمر أي حاكم قيّم على النظام والقانون الإسلامي، حاكمٌ يمنع الظلم والتجاوز والتعدي على حقوق الآخرين، يكون أميناً وحارساً لخلق الله وهادياً للناس إلى التعاليم والعقائد والأحكام والنظم الإسلامية. ويقف أمام البدع التي يضعها الأعداء والملحدون في الدين في النظم والقوانين. والسؤال الذي يطرح نفسه أو لم تكن خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) لأجل هذا الأمر؟

فالحكومة الإسلامية لي كأي نوع من أنماط الحكومات المتواجدة. فهي مثلاً ليست استبدادية مطلقة وإنَّما هي مشروطة من ناحية كون الحكام مقيّدين في التنفيذ والإدارة بمجموعة من الشروط التي حدّدها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وإن القوانين الإسلامية التي وردت في القرآن وسُنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يتلقاها المسلمون بالقبول والطاعة.
حكومة الإسلام هي إذاً حكومة القانون، وفي هذا النمط من الحكومة تنحصر الحاكمية بالله والقانون نعم حكومة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه المعصومين (عليهم السلام) وخلفائهم في عصر الغيبة هي بحكمٍ من المولى الكريم حيث يقول: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.

فمن سياق موضوع بحثنا نرى أن نظام ولاية الفقيه هو الطابع المميّز لدستور الجمهورية الإسلامية في إيران والصفة الغالبة على الشكل العام، لذا فإن إشراف الولي الفقيه على جميع المراكز الأساسية والمرافق الحساسة في المجتمع الإسلامي أمرٌ ضروري، وله حضور فاعل ومؤثّر فيها.
في هذا الصدد فالمجتمع الملتزم بالقيم الإلهية والقائم على اعتناق عقيدة التوحيد والنبوة الشريفة والإلهية، فإنه لا يرى بدّاً من القبول بأن يكون على رأسه شخص عالم بالشريعة الإسلامية والتعاليم الإلهية وتتجسّد فيه الأخلاق الفاضلة، وتتجلى في شخصيته الخصال الحميدة، ولا يقترف الذنوب ولا يرتكب المعاصي، ولايقع في الخطأ والاشتباه، غير جائر ولا ظالم ولا طامع في شيء من حُطام الدنيا، بل يحترق للآخرين وينير لهم الدروب المضيئة، ويفضّل إقرار القيم الإلهية على القضايا الشخصية والأمور الذاتية والمصالح الفئوية.
من هنا كان لزاماً علينا أن نحدّد الشروط الأساسية للولي الفقيه من جهة، ومن جهة ثانية نلقي بنظرة سريعة وشاملة لأهم السمات العامة للحكومة الإسلامية.

* شروط وصفات الحاكم الإسلامي (الولي الفقيه)
الشروط اللازمة للحاكم ناشئة من طبيعة نمط الحكومة الإسلامية بشكل مباشر، فبعد الشروط العامة مثل الرؤية السياسية الصحيحة، والكفاءة الاجتماعية والإدارية، والتدبير الشجاعة، والقدرة الكافية للقيادة.. هناك شرطان أساسيان هما:
أولاً: الكفاءة العلمية اللازمة للإفتاء في مختلف أبواب الفقه بمعنى أوضح أن يكون الأعلم بالأحكام والشريعة والفقه الإسلامي.
ثانياً: العدالة والتقوى اللازمتان لقيادة الأمة الإسلامية.
السمات العامة للحكومة الإسلامية: فالحكومة الإسلامية:
1 ـ تعتمد على إيمان الناس وعقيدتهم.
2 ـ تقوم برسم الخطوط ووضع البرامج في خدمة مصالح الشعب.
3 ـ خطوطها العامة تحظى برضى الأكثرية القاطعة وتأييدها.
4 ـ مدراؤها ومسؤولوها ناهضون من بين صفوف الشعب وعامته وليسوا من الطبقات العليا في المجتمع.
5 ـ يشارك الشعب في تنفيذ خططها وبرامجها مشاركة فعَّالة.
6 ـ الشعب حاضر في جميع ميادينها المصيرية والحساسة (في التظاهرات المسيرات ـ الانتخابات..).
7 ـ الصفة البارزة في قائمة السمات للحكومة الإسلامية أن أعداءها هم أعداء الشعب أنفسهم.
وأخيراً نجمل القول في نهاية المطاف بأن الحكومة الإسلامية هي النموذج المتكامل والقدوة الكاملة التي وصلت إلى بلوغ الكمال.

* وبهذا السؤال تكون قد اختتمنا هذه الصفحة، على أمل اللقاء مع القراء الأعزاء في صفحة جديدة في المستقبل إن شاء الله تعالى.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع