الشيخ محمد الحْمُود
زوجي رجلٌ طيّبُ القلب وخلوق، يقوم بواجبه تجاهي وتجاه بيتنا، ويتعب طيلة النّهار ليؤمّن لقمة العيش لنا، ولكنَّه يقوم بذلك كلّه بصمت.
لا أسمع منه كلمات حبّ تنعش قلبي، وإذا قالها يقولها لإرضائي، وبطريقة يُفقدها هدفها ومعناها، وإذا جلسنا معاً، نجلس بجديّة كضيوف أو رجال أعمال.
فيا زوجي العزيز! أنا امرأة عاطفيّة، أحبّ سماع الكلام الّذي يبعث في داخلي روح الأنوثة، وأطلب أن تدغدغ مشاعري دوماً بكلمات سحريّة عاطفيّة.
حقّاً كم أنا مشتاقة إلى كلمة "أحبّكِ" من لسانكَ، الّتي طالما كنتَ تردّدها لي في أيَّام الخطوبة؛ فالمرأة في جميع أطوار سني عمرها المختلفة تحتاج إلى لمسات حانية، وكلمات عذبة تلامس مشاعرها المرهفة وطبيعتها الأنثويّة. ألا تعلم أنَّ الحبّ حاجةٌ وليس قناعة؟ الحبّ غذاء للروح، كما الطّعام غذاء الجسد.
•"والله إنّي لأحبّك"
كلمة "حبّ" من سنن الله في خلقه، الّتي امتدّت لتشمل الكون بأسره، بملائكته، وجِنّه، وإنسه، وحيوانه.
فالخالق جلَّ جلاله المتّصف بصفات الكمال والجمال والعظمة، يخبر عباده المؤمنين بمحبّته لهم، وإن كان غنيّاً عنهم: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ (المائدة: 54).
وها هو نبيّ الرّحمة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يصرِّح عن محبّته لأحد أصحابه بقوله: "يَا مُعَاذُ! واللهِ إِنِّي لأُحِبّكَ، واللهِ إِنِّي لَأُحِبّكَ"(1).
فإذا كنتَ تخجل من التّعبير عن محبّتكَ لزوجتكَ فتشجّع، واعمل بوصيّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي قال فيها: "إذا أحَبَّ أحَدُكُم صاحِبَهُ أو أخاهُ فَليُعلِمهُ"(2)، وزوجتك هي أختكَ في الله وصاحبتكَ وشريكة حياتكَ، وهي الأولى بهذه المشاعر.
•الشعور بالحبّ حاجة فطريّة
إنَّ حاجة الإنسان إلى الشّعور أنَّه محبوب هي ضرورة عاطفيّة بشريّة أساسيّة؛ ففي داخل كلّ فردٍ خزّان للعاطفة في انتظار أن يُملأ بالحبّ، فها أنتَ مدعوٌّ لأن تفتح قلبكَ للحبِّ في بيتكَ، وتجعله سبباً لتمتين شراكتكَ مع زوجتكَ -فضلاً عن أولادكَ-؛ وذلك من خلال إظهار كلمات الحبّ لها وتكراره على مسامعها. فالمرأة بطبيعتها تودّ أن تعيش دفء المشاعر والعواطف قولاً وفعلاً، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحثّكَ على الإفصاح عن الحبّ تجاهها؛ لأنَّه يزيد المودّة والرّحمة بينكما، وذلك عندما قال: "قول الرّجل للمرأة: إنّي أحبّكِ، لا يذهب من قلبها أبداً"(3).
فكنْ كريماً في عواطفكَ، وهبْ زوجتكَ الحنان العاطفيّ والأمان المعنويّ، ويمكنكَ أن تردّد على مسامعها أمثال هذه الكلمات: "أنا أحبّكِ يا حياتي، يا روحي، يا قلبي، يا عيوني، والحياة جميلة لأنَّكِ أنتِ موجودة فيها".
•تأثير الحبّ على الإنسان
أَحيِ بنسائم كلماتكَ العذبة ما قد يجفّ داخل زوجتكَ من مشاعر؛ ليُحيل صحراء قلبها إلى ربيعٍ دائم. فالكثير من الزيجات تعاني من الجفاف العاطفيّ وتحتاج إلى إشباعه(4)، فينتهي المطاف بالزوجين ليصبح كلّ منهما كالموظّف الّذي عليه أن يؤدّي وظيفته، ما يجعل الحياة بينهما رتيبةً، لا نكهة فيها، ولا طعمَ (على الرغم من استقرارها الظّاهريّ)، مع أنَّ الله أشار إلى أنَّ الحياة الزّوجيّة تقوم على المودّة والرّحمة، كما قال في كتابه الكريم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم: 21).
من هنا، تذكَّر أنَّ زوجتكَ إنسانةٌ رقيقةُ المشاعر، تحبّ الكلمة الحلوة الّتي تنطق بها، فهي بالنّسبة إليها كإكليل من الورد الأحمر تضعه على رأسها، ويزرع روح الأمل في قلبها.
لذا، لا تُبْقِ مشاعركَ حبيسةً في قلبكَ، بل أطلق سراحها لتنطلق إلى قلبها، فكن لها بئراً لا تجفّ من الحنان ترتوي منه وقتما تشاء، وكرّر على مسامعها بين الفينة والأخرى كلمة: "أحبّكِ" أو ما يفيد معناها، فزوجتكَ تحبّ سماعها من وقت لآخر مهما مرَّ على زواجكما من سنوات، فلا تمتنع عنها بحجّة أنَّها ثقيلة على لسانكَ، وتشقّ عليكَ؛ لأنَّكَ لستَ معتاداً عليها.
•مشاكل ستقع
ثمّة مشاكل حقيقية قد تقع في الأسرة التي يشوبها الجفاف، وفي موضوعنا عن جفاف التعبير العاطفي لدى الزوج، قد يوثر ذلك سلباً على الزوجة أولّاً، ثمّ لا تندهش عزيزي الزوج إن كانت تلك المشاكل ستصل إليك، ولا تندهش أكثر إذا طالت سلبياتها الأبناء أيضاً، منها:
1- إنّ جفاف عواطف الرجل أو تعبيره قد يؤثّر سلباً على مشاعر المرأة؛ لتجف بدورها، وتصبح خاوية، جافّة، وربّما قاسية أيضاً.
2- قد يوحي جفاف تعبيره لها بأنّها كبرت وتغيّرت ولم تعد محلّ اهتمامه، ولا سكنه ولا انجذابه، ولا مودته أحياناً.
3- قد يوحي بعزوفه عنها إلى أخرى.
4- قد يقتل محاولات المرأة إنعاش حياتهما، فتيأس وتملّ، وتزهد بحياتها الزوجية واهتمامها بزوجها.
5- قد يؤثّر على طباعها ومعاملتها ورأفتها بالأولاد.
6- قد يؤثّر سلباً على طريقة حلّ مشاكلهما.
عزيزي الزوج، المشكلة أكبر من أن تكون المرأة مزاجية في طلبها الاهتمام أو "كلمات الحب والتقدير"، وبلا ريب، لا يقف الأمر هنا على الكلمات فقط.
•الحبّ خارج الحدود الزمنيّة
إنَّ إبداء العواطف والحركات الرّومانسيّة، والاهتمام العملي في التّعامل مع الزّوجة، أمر مطلوب شرعاً، لا ينبغي أن يقتصر على السّنوات الأولى من الزّواج، بل لا بدَّ من ترطيب الحياة الزّوجيّة بذلك دائماً.
فكثيرٌ من الأزواج يردّدون عبارات الحبّ والحنان في الأيَّام الأولى من الزّواج، ثمّ تبدأ هذه العبارات بالتلاشي بين رتابة الأيَّام وروتين الحياة على قاعدة أنّها تعلم، وأنت تثق أنّها تعلم فلا حاجة للعناء وإخبارها مراراً وتكراراً، لكن ذلك ليس صحيحاً؛ فهي قد تقرأ في جفافك إهمالاً لها وعزوفاً لمشاعرك عنها؛ لذا تعامل مع زوجتكَ وكأنَّكَ تراها لأوّل مرّة، وجدِّد الحبّ والمودّة بينكما، فكلمة حبّ دافئة مع ابتسامة قد تساوي في نظرها ملء الدّنيا ذهباً، ولا تجعل انشغالكَ بعملكَ وغيره من الأمور ينسيكَ المعاملة الحسنة، والأسلوب الجميل الّذي كنتَ تعاملها به في بداية حياتكما الزّوجيّة.
•كلمة السرّ
أخي الزوج: تحتاج زوجتكَ منكَ إلى لمسات حانية، وكلمات عذبة رقيقة تلامس مشاعرها المرهفة وطبيعتها الأنثويّة، تحتاج أن تشعر أنَّها تشكّل قيمة عاطفيّة في حياتكَ، وأنَّها تحتلّ مكانة في قلبكَ وأحاسيسكَ، فمن الضروريّ أن تعبّر لها دائماً عن حبّكَ، فزوجتكَ يسعدها سماع الكلمة الحلوة التي تهزّ كيانها مهما كان عمرها.
1.السّنن الكبرى، النسائي، ج 6، ص 32.
2.بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 74، ص 182.
3.الكافي، الكليني، ج 5، ص 569.
4.الإشباع العاطفي بين الزوجين هو ارتواء قلبيهما بالحبّ والحنان والمودّة والرحمة، وينقسم إلى قسمين: إشباع العاطفة القلبيّة وإشباع الغريزة الجنسيّة.
الضاحية
ام مهدي
2021-12-29 14:53:12
معكن حق وزوجي هيك ورح يموتني بحبو الصامت