قال الإمام الباقر عليه السلام: "الزارعون هم كنوز الله في أرضه" والمراد بالكنوز هنا الأمكنة التي يدّخر فيها سبحانه أقوات عباده وعياله، أما الزارعون فهم الذين يبذرون ويحرثون والذين يصنعون الآلات والمواد الزراعية القديمة والحديثة، وهم الذين يستخرجون الماء من جوف الأرض، ويشقون الأنهر والجداول للري، ومثلهم تماماً في القرب من الله كل عامل لنجاح الحياة في أية جهة من جهاتها، فلا خير في تقدم الصناعة والعلم إذا كان الهدف منه تسخير الآخرين واستغلالهم، ولا في زيادة الإنتاج ما دام هناك جائع واحد أو مشرّد بلا مأوىً أو مريض بلا علاج، وأيضاً لا خير في الحكومات وجيوشها وعظمتها إذا شكى مظلوم من تجاوزات الأقوياء والطغاة.
وبعد، فإن الإسلام يعتبر العمل هو الأساس الواقعي لإنسانية الإنسان وعلمه وإيمانه، لأن الله سبحانه خلق الإنسان وأودع فيه ما أودع من مواهب وطاقات ليتسلط على الطبيعة ويسخرها في حاجاته وحل مشكلاته، لا ليفسد في البلاد ويستعلي على العباد.