الدعاء نوعٌ من العبادة والارتباط بين العبد وربه، وهذا الارتباط له الأثر الكبير في بث الطمأنينة في نفس الإنسان، وأولئك المحرومون من هذه العبادة فاقدون لسند عظيم وعون كبير في مواجهة المشاكل. فهم كمن هو في الهيجاء بدون سلاح.
يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الدعاء سلاح المؤمن".
ويقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: "الدعاء ترس المؤمن".
ويقول الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام لأصحابه: "عليكم بسلاح الأنبياء: فقيل ما سلاح الأنبياء؟ قال : "الدعاء".
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من عدوّكم ويدرّ رزقكم؟" قالوا: نعم، قال: "تدعون بالليل والنهار فإن سلاح المؤمن الدعاء".
وعن علي عليه السلام: "ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء".
لو أمعنا النظر في هذه الأحاديث وأمثالها، لألفينا أن الدعاء له أثر نفسي عظيم سواء أطلب الإنسان في دعائه من الله أم لم يطلب.
وهذه حقيقة فهمها علماء النفس اليوم بوضوح وكتبوا حولها المقالات والبحوث القائمة على أساس الإحصائيات.
لقد دلت هذه الإحصائيات على أن الذين يعيشون عالم الدعاء والاتصال بالله قلَّما يعتريهم اليأس والسأم. وقلَّما ينهزمون أمام الحوادث المؤلمة، وقلّما يفقدون الآمال في المستقبل.
وعن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام في حديث مخاطباً به أحد أصحابه: "ألا أخبرك بما فيه شفاء من كل داء حتى السأم؟" قال: بلى، قال: "الدعاء". على أنه يجب أن لا يتبادر إلى الذهن أن الدعاء شرّع لمواقع الشدة والضنك كما يتبادر إلى أذهان بعض الناس، والله سبحانه ذمّ أولئك الذين لا يدعون ربهم إلا في حالات الضرّ، قال: ﴿ وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾
وفي الروايات حثّ أئمة الدين على الدعاء في الشدة والرخاء وفي كل حال.