ليس عجباً أن يتراجع إنسان ما عن عقيدة ومبدأ لم يجد له ثماراً عملية طيبة، ولكن أن يتراجع الإنسان، بل يحارب مبدأً كانت أولى ثماره وتقويض نظام طاغوتي وتشييد دولة إسلامية يحكمها القرآن بدلاً عنه فذلك العجب بعينه. والأعجب من ذلك أن يكون هذا الإنسان طالما دافع عن هذا المبدأ ونظّر له وكتب عنه المجلدات، بل وقدم التضحيات الجسام من أجله.
ومن يقرأ التاريخ يجد الكثير من العبر. فأمثال هؤلاء كثيرون في التاريخ الإسلامي وحتى في صدر الإسلام وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. تعالَ معي ـ عزيز القارئ ـ لنستمع معاً إلى قصة الزبير بن العوام. لقد كان الزبير من الصحابة السابقين إلى الإسلام، ومن المقاتلين الأشداء بين يدي الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم حيث شارك في معظم المعارك التي خاضها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان من الثابتين القلائل الذين دافعوا عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحاموا عنه حين فرّ الآخرون في معركة أحد. ثم كان من المعتصمين في بيت أمير المؤمنين عليه السلام بعد مقتل عثمان كان من أوائل المبايعين. ولكن ماذا كانت العاقبة؟ بعد كل هذا التاريخ يحمل الزبير سيفه ويجهز جيشه لقتال أمير المؤمنين عليه السلام في معركة الجمل.
ومن ذا يأمن على نفسه سوء العاقبة بعد الزبير؟!
عزيزي القارئ
لم يكن عند الزبير أدنى شك في أن الحق مع علي عليه السلام، ولكن حب الدنيا رأس كل خطيئة واتباع الهوى يصد عن الحق مهما كان واضحاً، فلنعتصم بحبل الله المتين، ولنستمسك بعروة الولاية الوثقى، ولنستمع إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ (الأحزاب: 36).
وإلى اللقاء