نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مشكاة الوحي: شهادة الأعضاء على الإنسان

 


يقول تعالى في كتابه العزيز:  ﴿خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيم﴾.

عندما يصل أهل جهنم إليها تشهد عليهم آذانهم وأعينهم وجلودهم، ويمكن أن نفهم عدة نقاط من قوله تعالى إن أعينهم وآذانهم وجلودهم تشهد ضدهم.
النقطة الأولى وهي أن الأعضاء والجوارح تتكلم يوم القيامة وتشهد، ويُخاطَب الإنسانُ المحكوم عليه بالنار جلده أن لماذا شهدت ضدي؟ فتجيب الأعضاء أن الله الذي أنطق كل شيء أنطقنا أيضاً. قال تعالى:  ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾

النقطة الثانية وهي أن هذه الأعضاء إذ تشهد يوم القيامة فهي تفهم أعمال الإنسان في الدنيا. لأن الأعضاء والجوارح لو لم تكن تفهم شيئاً في الدنيا أثناء القيام بالأعمال، فلن تكون شهادتها مسموعة يوم القيامة. وإذا قلنا إن الله يعطيها العلم يوم القيامة وهي ليست عالمة في الدنيا عند حدوث العمل فلن تكون الحجة تامة كما ذهب إليه العلامة الطباطبائي رحمه الله.

يوم القيامة يوم الاحتجاج، إن لم تكن الأعضاء تفهم شيئاً في الدنيا والله هو الذي يمنحها الفهم والإدراك في الآخرة لتستطيع أن تتكلم، فسوف يحتج المجرم يومئذ ويقول: يا إلهي إن هذه الأعضاء والجوارح لم تكن لتفهم شيئاً وأنت الذي ألهمتها وأوحيت لها الأمر، ولم تكن لتعلمها من قبل.
إن الشهادة لا تكون مسموعة إلا إذا كان صاحبها قد سبق له أن تحمّل وشهد أصل الحادثة، أي على الشاهد أن يكون قد شاهد الحادثة من قبل واختزن وحفظ في داخله فصولها، وبعد ذلك يدلي بشهادته طبق ما شاهده وفهمه في المحكمة. إذاً، فلا بد في البداية من مقام اختزان وتحمل الحادثة، وبعد ذلك يأتي مقام تقريرها والإدلاء بها وهو ما نسميه بأداء الشهادة. وعليه فليس الإنسان وحده صاحب الشعور والفهم، بل إن جميع أعضائه وجوارحه تفهم وتعي أيضاً.

النقطة الثالثة وهي أن الشهادة غير الاعتراف. فالإنسان هو مرتكب المعاصي وليست الأعضاء والجوارح أكثر من وسائط. المذنب الحقيقي هو روح الإنسان لا أعضاؤه وجوارحه، وإلا كان الأولى أن يقول أنها تعترف بذنوبها ولكنه قال تشهد على الإنسان. وإذا كان المجرم الحقيقي هو الإنسان فسيسأل الإنسان يوم القيامة فيم استخدم هذه الجوارح، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾[الإسراء/26]. ليست هذه القوى هي المسؤولة بل هي مسؤولٌ عنها والإنسان هو المسؤول.

يوم القيامة يوم السؤال. الله هو السائل وجميع الناس مسؤولون لا يُستثنى أحد أبداً. قال تعالى:  ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِين﴾َ.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع