مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الجهاد والشهادة: شهداء ... أحياء...

 


ثمّة رسائل لا تحتاج بريداً.. ومشاعر لا تكفيها الرسائل تعبيراً. كلمات تعجز عن احتواء المشاعر... وأحياءٌ لا تختزلها أيامٌ ويومٌ لا يخلو سواه لحي سواه. هو الشهيد وهو يوم الشهيد.
وفي صفحات السنين المتراكمة أنّ زوجة أحد الشهداء الكبار قالت وقد أهدي إليها رأس زوجها الشهيد!


قد غيبتموه عني طويلاً، وأهديتمونيه قتيلاً، أهلاً به من قتيل. وفي صفحات الأدب أن الخنساء التي بكت أخويها في الجاهلية بكاءً مراً ما جفّ منه ديوان العرب ولا كتب الأدب حتّى اللحظة، قد اكتفت بالقول عند استشهاد أبنائها الأربعة بعد الإسلام: "الحمد لله الذي شرّفني باستشهادهم".
ترى كيف تراسل أسرة الشهيد المعاصرة شهيدها في يومه المشهود؟ كيف تبلّغه النجوى، كيف تواصله الشوق؟؟ وعندما تحتل صورة والد شهيد ما، استشهادي ما، مسافة ما بين الهُدُب والجفن، كيف يحتل صوته الموعود بشهادة الغد لابنه الشهيد آذاننا؟ وهو يهنئنا نحن بشهادة غدنا وغد شهيده؟ "نحن لا نوفر أبناءنا للمستقبل".
يا أبا هادي، يا والد الآباء آباءً للشهداء.. منك هذا القول، ولك هذا المقال.. أما لنا فتكفينا نجواك لهادي، لأخوة هادي ممن سبقوه، وممن يسعون للقائه:
وميضك سحر ألوان، فثار جسدك بحر معرفة. والشظايا حبر حياة، دمك عدلُ ميزان، ويد الله كفّته الأولى، ولا كفةٌ راجحة أمام يد الله، ولا يوم كيومك يا ملتقى الشهداء.
في أوراق الطف الحمراء، إنّ امرأة دفعت وحيدها للقتال بين يدي سيد العصور وراحت تقاتل خلفه ما استطاعت، وعندما أراد الأعداء إحباطها احتزوا رأس شهيدها بعد أن كان للحظة وحيدها وألقوه في حجرها.
وفي الأسطر الأخيرة الغارقة في أرجوان عاشوراء قرأنا أنّ المرأة قد لثمت الرأس الشهيد بكلّ أمومتها، وبكلّ قواها رمت به إلى ساحة المعركة وصاحت ملء أسماع الحياة: أنا لا أسترد ما قدّمت في سبيل الله..."

وفي نفس الأوراق الدامية قرأنا أنّ امرأة وكانت لزهير بن القين حانيةً كالأمومة. رقيقةً كالحبيبة، صديقة لأنّها الزوجة وقد أعلنت له ما هو أغلى من الحب إن هو كتب اسمه على حدّ شفرة حسام الحسين، وعاشت بعد ذلك متزودة بما بقي لها من زهير.. ذاك الأغلى من الحب..
واليوم وإسلامنا يكبر بشهدائه، ونكبر نحن بشهداء إسلامنا نتساءل وقد تُوّجت نساؤنا أماّ لشهيد أو أمّا لإبن شهيد. كيف تنتظر الأم والزوجة إيابه إليها عريساً مرة في كلّ عام؟؟ وكيف تقف إزاءه وقد حاصرت رأسيهما معاً بطولات الشهادة. بالفخار كالسوار:
-زمنٌ مضى! من ذا الذي عاد يشق الحُجُب يخترق الستار؟ ما لبابي المطروق بالصمت ينادي الانتظار؟ إن توقف ها هو عاد إليّ ظافراً رغم الحصار! أتراه ألِفَ الصمت فأهداه الحنين؟ حنين أيام توارت مثلما يغفو النهار؟ أم هي القبضات تعلو بين يديك؟ كي يزلزل عمق هذا الصمت ذيّاك الجدار! أم هو يومك وافى حاملاً من قبضتيك في الروابي لذرى الريح غبار؟
لضريح لم يرُقْه أنّه فيك استنار؟ فأباح الكون جسراً تحت نعليك دثار، لليالٍ لم تدفّئها النجوم، لم تُزينها الكواكب، لم يغازلها الهزار بل أضاءت حيث يسكنُ فيها قبرُك وهجَ نورٍ للأنام، فشهادتك انتصار.

وفي زمنٍ لمّا تتناثر أوراقه من صحيفة أيامنا بعدما قال صانع المجد في آخر ربع لقرننا المعاصر، قال أبو مصطفى الخميني – تقدّست عظمة أسراره عند ربّ السر والجهر – لرجلٍ كان قد كلّفه أداء مهمّة ما وكان هذا الرجل قد تخلّف عنها لأنّه علِمَ أثناء طريقه إليها أنّ نجل الإمام الأكبر قد مضى شهيداً، إذهب وأدّ مهمتك، لأنّ مصطفى قد أدّى ما عليه، وبقي ما عليك! وفي أيلول سافر هادي وهاجر هيثم يرافقهما علي! هلاّ أخبرتمونا عن موسم الهجرة جنوباً في أيلول؟
وقد أبو هادي، يخبرنا فعننده الخبر اليقين واليقين أن أبا هادي كان يخجل من عوائل الشهداء ولما صار واحداص منهم أعلن استمرار خجله ولكنّه لم ينسَ أن يرفع للخالق جزيل شكرانه على نعمه الوافرة في رحلة هادي كيف يناغي والد الشهيد شهيده وليداً؟ كيف يؤسّس لمشروع شهادته؟ كيف يشبعه أبوّة ويشبع منه بُنُوّةً كيف يصير كلاهما للآخر ابناً وأباً؟؟

- قبل أن تولد من قلبي جنيناً! كنت توقي للشهادة، كنت أسراري الدفينة كنت في قلبي شعوراً يملأ العمر حنيناً، لجنانٍ لن أراها، إن بقيت عند دنيان سجيناً، يا وليدي، يا صغيري، يا ابتساماتي الحزينة يا جمال كلّ حلوٍ في حياتي، قُدْ خطاي نحو أعماق السكينة.
ثمّ دعني فوق رمل الشط أشدو، كلّما مرّت سفينة، علّ رمل الشط يحنو لابتهالي، كلما رُمْت فكاكاً من قيودي، زادني الشوق أنيناً، فإذا بي صرت قلباً وفق نجواك أسيراً، وإذا في مثل حالي لم أجل مثلي رهينة، يا إلهي زدني حباً، زده عمراً وانسج الأيام ثوباً من سنين لسنينه، أنا لم أقصد سواك ناصراً للحق ديناً، لا حياة دون عز لا لحُرٍ أن يلين للطغاة، إنّهم إن سادوا يوماً، نزْفُ ولدي "كشهيد" يغسل الأيام طهراً للشهادة إن بقينا.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع