قصة..
لأنّه كان عاصياً لأمّه كاشحاً بوجهه عنها، غضبت عليه ولم تكلمه ستة أعوام!! فأُصيب بفقر وتعاسة وسوء حظ وقد مرض حتّى أشرف على الهلاك. وها هو يتقلّب على فراش منيته وروحه تستعد للانتزاع المرير. ومع أنّ أمّه كانت ساخطة عليه لكن جرّها حنانها وسهرها وأتعابها على وليدها إلى الحضور عند رأسه.
وفجأةً يدخل رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم ليحضر المحتضر هذا، فجلس عند رأسه وقال له: قل "لا إله إلاّ الله". فهمّ أن يقولها لكن أُلجم فوه وعُقل لسانه!! فانتبه رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم مباشرةً لأمه وقال لها: "أفساخطة أنت عليه"؟ فقالت: نعم، ومنذ ست حجج.
ولأنّه  صلى الله عليه وآله وسلم رأى أياماً الكثير من أعماله الحسنة وأخلاقه الوسنة أراد له النجاة، فقال لأمه: "إرضي عنه". فأجابته وقالت: "رضى الله عنك برضاك يا رسول الله".
فأدار بوجهه  صلى الله عليه وآله وسلم نحو الشاب ومحيّاه مليء بالرحمة والعطوفة والحسرة والألم قائلاً له: قل "لا إله إلاّ الله" فانحلّ لسانه ونطق بها بأكمل وجه! لكن حدقت عيناه وصرخ: يا رسول الله، أرى رجلاً أسود قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح قد وليني وأخذ بحنجرتي!!
فقال له النبي  صلى الله عليه وآله وسلم قل: "يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل مني اليسير واعف عني الكثير إنّك أنت الغفور الرحيم". فرددها مسرعاً وهو مضطرب خائف يتصبّب منه العرق وعيناه محدقتان شاخصتان إلى أعلى الحجرة وما إن أتمها حتّى زال خوفه وسكنت نفسه واطمأنت.
فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ما ترى"؟
فقال: أرى رجلاً أبيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد وليني، وأرى الأسود قد تولى عني.
وعندها هدأت عضلاته ولان جسمه وانفتحت أساريره وابتسم ثغره وخرجت روحه مغادرة إلى الحياة الخالدة.

وعبرة..
1- رضا الله ورسوله منوطان برضا الوالدين، وعقوق الوالدين يؤدي إلى النار.
2- بر الوالدين سبب في زيادة الرزق والتفوق والنجاح ويخفّف سكرات الموت.
3- أهمية كلمة التوحيد والتذاكر بها دائماً وحتّى عند الموت.
4- الدعاء سر من الأسرار ونافع في كلّ مواطن حتّى حين الموت.
5- ملك الموت له صورتان: يأتي للمؤمن بأحسن وجه ويرحم به، ويأتي لغيره بأقبح وجه ويقسو عليه.
- قال الإمام الصادق  عليه السلام:"من أحب أن يخفّف الله عزّ وجلّ عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولاً وبوالديه باراً، فإذا كان كذلك هوّن الله عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقر أبداً".