هل دخلنا في مرحلة جديدة بالفعل، أم أنّ استشهاد نجل الأمين العام كان له أثره المتميز الذي بدت معه الأمور بهذا الشكل، أم أنّنا نعيش صدى لحالة معنوية عالية حقّقتها المقاومة في واقع هذه الأمة، هذه التساؤلات تأتي بعد إعلان الأمين العام عن "السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي" وبعد التجاوب الكبير من قِبل مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية والشعبية.
في الواقع إنّ هذه المقاومة قد أحدثت حالة جديدة في أوساط الأمة وأعطتها سلاحاً جديداً تمكنت من خلاله أن تجد نفسها أولاً، وتقاتل عدوها ثانياً، وتنتصر عليه أخيراً.. فتحولت المقاومة إلى نموذج يُقتدى به. وتحوّلت أهدافها إلى أهداف يُسعى إليها.. وبالتالي دخلنا في هذه المرحلة الجديدة التي تدعو فيها المقاومة الإسلامية إلى القتال ضدّ العدو، وإلى انخراط الجميع في نهج المقاومة فيُستجاب لها...
هل كان أحد يتصوّر أنّ المقاومة التي بدأت من خلال أفراد، يمكن أن تصبح مقاومة أمّة؟ هل كان أحد يتصوّر أن "مقاومة إسلامية" تحافظ على أصالتها وانتمائها تستطيع أن تخاطب أناساً يشاركونها في ظاهر الإسلام ويخالفونها في الانتماء الحقيقي، وآخرين يخالفونها في الظاهر والواقع؟.. يتجاوزون المعوقات ويتنادون لذلك.. ولئن اعتبر البعض أنّ الدعوة إلى السرايا هي مجرد شكل، فإنّ التجاوب المذهل مع هذه الدعوة أثبت مصداقية الجهة الداعية من جهة، ومصداقية الدعوة من جهة أخرى.. والمستقبل كفيل بإبراز هذه الحقيقة شيئاً فشيئاً.
ويبقى السؤال، ما الذي جعل هذه الفئة الإسلامية صاحبة هذا الموقع الاستقطابي: أهو أداء إضافي على إسلاميتها كما يحلو للبعض أن يعبر، ومن خلاله يفرق بين هذه الجهة وبين الجهات الإسلامية الأخرى، أم أنّه الالتزام الأكثر بالإسلام المحمدي الأصيل؟ وبتعبير آخر: هل الانفتاح هو شيء زائد على الإسلام الذي هو قوام المقاومة تمارسه هذه الجهة، ومن خلاله تمتاز عن غيرها، أم أنّ الإسلام هو ذلك الدين المنفتح، وكلما تعمّق الإنسان أكثر في الإسلام كلّما زاد انفتاحاً على الآخرين؟... لسنا ننكر ما يعتبره البعض حنكة سياسية، وأداء جيد، وتفاعل مع الموقع، وتحمل للمسؤولية.. فإنّ كلّ ذلك صحيح، ولكن ما نريد أن نقوله أنّ كلّ تلك الأمور مجتمعة هي من مزايا الإلتزام بذلك الإسلام الصافي الذي من خلاله ترتسم معالم الانتصار على الذات أولاً، ثمّ على العدو ثانياً، ومنه يدخل الإنسان إلى دائرة التغيير.
ما حصل ليس شيئاً عارضاً حصل صدفة في زمان ما ومكانٍ ما من دون تقدير وحساب.. بل إنّ ما حصل هو من خلال تقدير إلهي لهذه الأمة التي بعثت فيها المقاومة الإسلامية بقيادتها وقاعدتها ذلك النهج، فدبت الحياة في أوصالها من جديد على قاعدة الآية الكريمة: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين).
والسلام