في أسبوع الشهيد السيد هادي نصر الله نجل الأمين العام السيد حسن نصر الله دعا سماحته مجاهدي حزب الله للمزيد من التواضع، باعتبار أن حزب الله يمثل الأمة الداعية إلى الله والآمرة بالمعروف. لذلك يشكل هذا الأمر ركناً أساسياً من أركان الدعوة ونشر الرسالة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إذا طالعنا حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحياة الأئمة المعصومين عليهم السلام وجميع أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، نجد أن صفة التواضع هي الصفة البارزة في حياتهم الاجتماعية صلوات الله عليهم. وإذا درسنا المفاهيم الأخلاقية دراسة دقيقة، وجدنا أن أكثرها تأثيراً في الحياة الاجتماعية وفي ربط القائد بالأمة والراغب بالرعية، هو هذه الصفة العظيمة التي إنما تنبع من تذلل الإنسان لربه واستكانته له. والحديث الشريف يعبر عن هذا المنحى: (من تواضع لله عز ومن تكبر ذل).
إن علاقة الإنسان بربه هي منبع ومصدر تواضع الإنسان للآخرين. وما لم يكن ارتباط الإنسان بالله وثيقاً لا يزهر في نفسه خلق التواضع. لأنه يغفل عن أن كل ما لديه من قوة وعلم وجاه ومال هو من الله، وأنه يزهو ويفخر بما لا يملك وبما لم يكن مستقلاً بتحصيله وبجمعه. بل لم يكن له من الأمر شيء من قبل ومن بعد، وسيكون حاله كحال قارون إذ خرج على قومه بزينته فخسف الله به وبداره الأرض. إذاً من عرف الله تواضع ومن تواضع لله عز ومن تكبر أذله الله.
وبما أن غالبية المجتمع تكون عادة من الضعفاء الفقراء والجهّال، وبما أن هؤلاء هم المحتاجون للإحسان والهداية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهم الذين إذا اهتدوا كان المجتمع مهتدياً بما هم غالبيته بل هم المجتمع. وهم الذين لا بد أن نمد لهم يد العون لانتشالهم من ظلمات المعاصي والفسق والكفر وهم الذين فقدوا شخصيتهم ويحتاجون لاستعادتها. لذلك أمر الله بالاهتمام بهم ورعاية شؤونهم، والرأفة والرحمة والإكرام لهم كي يهتدوا إلى نور الإسلام، وكان مفتاح ذلك كله التواضع لهم.
هناك أمراض يصاب بها الداعي إلى الله وبالأخص المجاهد وهي أمراض خطيرة قد تفتك به وتبطل عمله، وصحيح أن المجاهد يحق له أن يعتز ويفخر أمام الله والناس أنه يجاهد أعداء الله ويقتل في سبيله فهذا موقف يحبه الله ورسوله. ولكن إذا صار عجباً أو رياء أبطل العمل أو الثواب.
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلس مع أهل الصفة على باب المسجد ويأكل معهم، ويواسيهم. وكذلك كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يلبس ويعيش كأدنى الناس. ويسير في قضاء حوائج الناس وشؤونهم.
فأمر أمين العام بالتواضع يجب أن ينفذ بكل قوة وعزم، لأننا في هذه الأيام نسير في مقدمة مسيرة الجهاد والدعوة إلى الله، وقد سلمت لنا مقاليد قيادة حركات التحرير العربية وغيرها في مواجهة أمريكا و "إسرائيل" وأعوانهما بفضل جهاد المجاهدين وقيادة العلماء الربانيين المهتدين بهدي الإمام الخميني رضوان الله عليه كالإمام القائد السيد علي الخامنئي أطال الله بقاءه والأمين العام السيد حسن نصر الله أيده الله. فيجب أن ندعو الناس بأخلاقنا وعملنا بأن نكون كما قال الله تعالى: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين).
وقال عزّ وجلّ: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم).
وفي الحديث: "التواضع يرفع الوضيع، التكبر يضع لارفيع".
فالله يزيد المجاهدين رفعة بالتواضع، ويزيد حزبه وأمته عزاً إذا تواضعا، لأن الأمة أيضاً عندما تكون الأمة التي تأمر بالمعروف، لا بد أن تتحلى بأخلاق الداعية. فثمرة التواضع المحبة، ثمرة الكبر المسبّة. كما عن علي أمير المؤمنين عليه السلام.
وقال عز وجل: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾.